مع التطور الكبير الذي يشهده العالم في مجال الطب والصحة تطل علينا بين الفينة والأخرى بعض الإصابات البشرية والأمراض الجديدة التي تتسلل إلينا من عدة منافذ غالباً لا تكون بالحسبان، ومن هذه الأمراض مرض كاواساكي، الذي هو أحد الاضطرابات التي تصيب الأطفال، وقد اكتشفه الطبيب الياباني توميساكو كاواساكي في العام 1967ويعرف هذا المرض أيضاً باسم متلازمة العقد اللمفاوية المخاطية الجلدية باعتبارها تؤثر على العقد اللمفاوية والجلد والأغشية المخاطية داخل الفم والأنف والحنجرة.
وفي هذا المجال، أكد الدكتور جاسم الفيلكاوي أنه حتى الآن لم يتمكن الأطباء من معرفة سبب هذا المرض ولكنه لا يبدو وراثياً أو معدياً.
وقد أشارت نتائج دراسة نشرتها «مجلة الأمراض السارية»، إلى سبب فيروسي تنفسي أو وسيط فيروسي ذي صلة يكمن وراء مرض كاواساكي، ومثل هذا الوسيط يدخل المسار التنفسي ويصيب الشعب الهوائية ما يؤدي إلى تشكل أجسام ضمينة داخل الشعب الهوائية للأطفال المصابين بالمرض.
{ هل يمكن أن تعطينا لمحة عن هذا المرض؟
- كاواساكي عبارة عن التهاب مناعي شامل يصيب الأوعية الدموية الصغيرة والمتوسطة الحجم أو قد يؤثر في جدرانها، مما قد يسبب التمددات الشريانية وخاصة للشرايين التاجية التي تغذي القلب. وغالبية الأطفال المصابين يعانون من أعراض حادة، لكن من دون مضاعفات، وتبلغ نسبة المصابين بالمضاعفات القلبية لهذا المرض حوالي 30% تقريباً إذا لم يعطوا العلاج المناسب.
{ هل يعتبر هذا المرض من الأمراض الشائعة؟
- يعتبر هذا المرض غير شائع، لكنه السبب الأكبر في التهابات الأوعية الدموية لدى الأطفال. ويؤثر مرض كاواساكي في الأطفال بين 2إلى 5 سنوات، وحوالي 80% من المرضى المصابين يكونون أقل من 5 سنوات في العمر. والمرض أكثر شيوعاً في الأولاد منه في البنات، وقد يظهر في أي وقت من السنة، لكن أعداد المصابين تزداد في فصلي الربيع والشتاء.
{ ما الأسباب التي تقف وراء هذا المرض؟
- يبقى المسبب لهذا المرض غير معروف، ولكن يشتبه أن تكون الالتهابات الجرثومية مثيرة له، بالإضافة إلى وجود خلل في الجهاز المناعي للجسم، مما يسبب عملية الالتهاب التي تؤدي إلى تأثر الأوعية الدموية فيمن لديهم استعداد وراثي لذلك.
{ هل تلعب العوامل الوراثية دوراً في هذا المرض؟ وهل هو معدٍ؟
- المرض ليس وراثياً، ولكن يتوقع أن القابلية الوراثية تلعب دوراً، ومن النادر أن يصاب أكثر من طفل بهذا المرض من نفس العائلة في نفس الوقت. وهو ليس مرضاً معدياً ولكن لا يمكن الوقاية منه. ومن النادر أن يصاب الطفل بهذا المرض أكثر من مرة (حوالي 1%).
أعراض المرض
{ وما أعراض المرض الأساسية؟
- يبدأ المرض بحرارة مرتفعة من دون سبب واضح لمدة 5 أيام على الأقل ويكون الطفل خلالها قابلا للتهيج أو الاستثارة بشكل سريع. وقد يصاحب الحرارة أو يتبعها التهاب في ملتحمة العينين، مما يسبب احمرارهما بدون إفرازات. وقد تظهر أنواع مختلفة من الطفح الجلدي ويشمل عادة الجذع والأطراف وربما يشمل منطقة الحفاض. مع وجود التغيرات الفموية وقد تكون في شكل احمرار ملحوظ للشفتين مع جفاف وتشقق واحمرار اللسان والحلق مع تورم اليدين والقدمين ووجود احمرار في راحة اليدين أو القدمين، وهذه التغيرات الطرفية يصحبها تقشرات لرأس أصابع اليدين أو القدمين، لكنها بالعادة تظهر بين الأسبوعين الثاني والثالث من المرض مع وجود تضخم للغدد الليمفاوية العنقية، وأحياناً تظهر أعراض أخرى مصاحبة مثل ألم أو تورم في المفاصل، ألم في البطن، إسهال، تهيج شديد، صداع.
مضاعفات المرض
{ هل يسبب مرض كاواساكي مضاعفات خطيرة على الطفل المصاب به؟
- تعتبر إصابة القلب الأكثر خطورة في هذا المرض نظراً لإمكانية المضاعفات المستقبلية التي قد تترتب عليه، وقد تظهر المضاعفات القلبية على شكل أصوات إضافية لضربات القلب أو عدم الانتظام في ضربات القلب أو تمدد في الشرايين التاجية(وهي الأهم) وقد تكتشف عن طريق الموجات فوق الصوتية (سونار القلب).
{ كيف يمكن تشخيص المرض؟
- يكون تشخيص المرض إكلينيكياً إذا استمرت الحرارة لمدة 5 أيام أو أكثر، بالإضافة إلى توفر 4 من العلامات المرضية الخمس التالية: احمرار العينين، تضخم الغدد الليمفاوية الرقبية، طفح جلدي، تغيرات في الفم واللسان، وتغيرات في الأطراف. وقد تتفاوت حدة المرض من طفل إلى آخر، وبعض الأطفال قد لا تظهر عليهم جميع العلامات المرضية. وقد يكون المرض في شكل غير مكتمل، أي لا ترى فيه كل العلامات المرضية المميزة وخاصة في الأطفال الذين هم دون السنة الأولى من العمر، مما يجعل تشخيص المرض أصعب في هذه المرحلة وقد يحصل التمدد الشرياني في هذه الفئة العمرية، ولذلك يحتاج الطبيب إلى حس إكلينيكي متيقظ لتشخيص المرض ولعلاجه مبكراً وذلك لتفادي المضاعفات.
العلاجات المتوفرة
{ ما العلاجات المتوفرة؟
- الغالبية العظمى من المرضى يشفون منه تماماً تلقائيا ولكن بعض المرضى قد يعانون من مضاعفات قلبية على الرغم من استخدام العلاج المناسب.
والمرض لا يمكن منعه ولكن الطريقة المثلى لتقليل المضاعفات القلبية هي التشخيص المبكر والبدء في العلاج بشكل سريع ومناسب. فإذا تم تشخيص المريض، يجب إدخاله للمستشفى للمتابعة والعلاج وينبغي أن يبدأ العلاج في أقرب فرصة ممكنة لتقليل المضاعفات القلبية. ويتكون العلاج من الأسبرين والغاماغلوبيولين عن طريق الوريد بجرعات مرتفعة. وكلا العلاجين يساهمان في تقليل الالتهاب الجسمي واختفاء الأعراض والعلامات المرضية. والغاماغلوبيولين علاج أساسي لهذا المرض وأثبت فعاليته في خفض المضاعفات القلبية من نسبة 30% إلى 40 % والجرعة العالية من الغاماغلوبيولين تعطى عادة مرة واحدة في أغلب المرضى وأحياناً قد يحتاج المريض إلى جرعة أخرى. أما أدوية الكورتيزون أو الأدوية الأخرى، فقد يحتاج لها في علاج بعض الحالات الصعبة التي لا تستجيب لدواء الغاماغلوبيولين. وإذا لم يكن الطفل مصاباً بمضاعفات قلبية فيستمر علاج الأسبرين بجرعة مخفضة مانعة لتخثر الدم لمدة (6- 8) أسابيع فقط، أما في حالة وجود المضاعفات القلبية أو ارتفاع في نسبة الصفائح الدموية فيمتد استخدام علاج الأسبرين لفترة أطول إلى أن تعود الأمور إلى طبيعتها.
{ ما الفحوصات الدورية المطلوبة؟
- يجب فحص معدل كريات الدم، ومعدل ترسب كريات الدم الحمراء دورياً حتى تعود لوضعها الطبيعي، وكذلك عمل الموجات فوق الصوتية للقلب (السونار) لتقييم وضع الشرايين التاجية ولمتابعة تمدد الشرايين، ويحدد تكرار إعادتها بناء على وجود التمدد وحجمه. وأغلب التمددات الشريانية تختفي وتتحسن مع الوقت. وطبيب الأطفال، طبيب أمراض القلب للأطفال وطبيب الروماتيزم والمفاصل لدى الأطفال يجب أن يكون لهم دور في متابعة المريض المصاب خاصة في حالة وجود مضاعفات قلبية.
{ هل من نصائح عامة تتعلق بالحياة اليومية؟
- إذا كان الطفل المريض لم يصب بمضاعفات قلبية فلا يمنع من المشاركة في شتى أنواع الرياضة، أما المصابون فيجب استشارة طبيب قلب الأطفال لاختيار النوع المناسب مع أنه ينصح بعدم المشاركة في الرياضات التي تتطلب مجهوداً.
وينبغي تأجيل التطعيمات للمرضى المتلقين لعلاج الغاماغلوبيولين على الأقل لمدة 3-6 أشهر لأن الدواء قد يؤثر على فاعلية الجهاز المناعي للجسم وهذا التأثير قد يستمر لمدة 6 أشهر.