أزمة المياه في الشرق الأوسط.. دول الـخليج الأكثـر استهلاكاً في العالم

ثمة جهود حثيثة تُبذل حالياً في مختلف دول الشرق الأوسط لمواجهة الطلب المتزايد على المياه العذبة. ومع أن هناك تبايناً في أسباب نقص المياه في شتى دول المنطقة، فإن القضية التي يتعين على حكومات دول المنطقة مواجهتها تظل واحدة، وهي كيفية ضمان توفر إمدادات المياه العذبة الآخذة في التضاؤل.


وتشير إحصاءات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من نصف الدول العربية، البالغ عددها 22، تعاني نقصاً حاداً في المياه العذبة. وتعتبر أوضاع المياه في منطقة الخليج، التي تصل فيها درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية خلال الصيف في حين لا يتجاوز هطول الأمطار بضعة سنتيمترات سنوياً، الأكثر تردياً بين الدول العربية قاطبةً.

على أي حال، خلال العقود الماضية كشفت أعمال التنقيب عن الآثار في منطقة الخليج عن وجود بقايا حضارات تعود إلى العصر البرونزي، وقد لعبت وفرة المياه دوراً بارزاً في استمرار تلك الحضارات في الوجود. لكن يبدو أن وتيرة فقدان موارد المياه تفوق وتيرة فقدان التراث. ففي العديد من المدن السعودية أصبح انقطاع المياه أمراً طبيعياً، وخاصةً خلال فصل الصيف.

وحسب مؤشر الفقر المائي التابع للأمم المتحدة، فإن كل دولة تقل فيها حصة الفرد من الموارد المتجددة عن 1000 متر مكعب في السنة تُصنَّف بين الدول التي تعاني نقصاً في المياه. على هذا الأساس يمكن القول إن أكثر من نصف الدول العربية، وخاصةً دول الخليج، تعيش أزمة مياه، حيث تتراوح حصة الفرد فيها من الموارد المتجددة بين 35 و 550 متراً مكعباً في السنة.

وتشير التوقعات إلى أن عدد سكان الخليج سيصل إلى 52 مليوناً في العام 2030، ما يعني أن نسبة توفر المياه ستتراجع إلى النصف مقارنةً بما هي عليه في الوقت الحالي. ولاتزال السعودية على رأس قائمة مستهلكي المياه في الخليج العربي، وذلك نظراً لضخامة قطاعها الغذائي والزراعي.

تعرفة المياه

أدى الإفراط في استغلال مصادر المياه الجوفية في بلدان الخليج إلى نضوب تلك المصادر وإحالتها على التقاعد لعدة سنوات قادمة. لكن التوسع العمراني ونمو التصنيع زادا من حجم الطلب على موارد المياه. وقد لجأت بعض الدول، مثل عُمان، إلى رفع سعر التعرفة على المياه بغية الحد من الهدر. لكن بعض الدول الأخرى، مثل السعودية التي لا تعادل الرسوم المفروضة على المياه لديها سوى عُشر ما هي عليه في أوروبا، وقطر التي يُمنح فيها الماء مجاناً للقطريين، لم تتخذ أي إجراء في هذا الصدد.

إيران تعالج نقص المياه

تواجه إيران تحديات حقيقية على صعيد المياه. فإلى جانب عدد سكانها البالغ 70 مليوناً، تعاني إيران أزمة أمطار موسمية، حيث ينحصر هطولها بين شهري أكتوبر ومارس، بينما تعاني الأرض من الجفاف طيلة الأشهر المتبقية من السنة.

فضلاً عن ذلك يقول برفيز رضا زاده، المدير العام لمؤسسة الأرصاد الجوية في إيران، إن «التنمية غير المستدامة أدت إلى زيادة الطلب على المياه إلى حدٍّ كبير، ما جعل منسوب موارد المياه الجوفية ينخفض إلى أدنى مستوياته، وذلك من 50 متراً إلى 300 متر».

وحسب التقرير الإيراني الرسمي للعام 2008، فإن «حصة الفرد من الماء ستكون أقل من 1000 متر مكعب بحلول العام 2050». وبما أن إيران تتمتع بعدد كبير من المناطق المناخية، كما تعاني عدم انتظام في توزع السكان، فإن هذا سيخلق مشاكل إضافية لديها على صعيد توزيع المياه. على سبيل المثال، يعيش قرابة نصف الشعب الإيراني في المناطق الشمالية والغربية التي تحتوي على أكثر من 70 في المئة من موارد المياه.

ولاحتواء ومعالجة النقص في المياه قامت الحكومة الإيرانية بزيادة الميزانية المخصصة للمياه، حيث وصلت إلى 350 مليون دولار في العام 2008، كما تخطط لزيادتها بنسبة 66 في المئة خلال العام القادم.

تغيير عادات الاستهلاك

ثمة تزايد مستمر في أعداد السكان في دول مجلس التعاون الخليجي، يقابله تضاؤل مستمر في موارد المياه العذبة. لهذا السبب يجب أن تلعب إدارة الطلب على المياه دوراً أكبر خلال السنوات القادمة.

وتُعتبر معدلات استهلاك المياه في دول الخليج الست من أعلى المعدلات في العالم، حسب مؤشر الفقر المائي، الذي يشير أيضاً إلى أن النمو السريع لسكان تلك الدول أدى إلى ارتفاع الطلب على المياه في الفترة بين 1992 و2007 بنسبة 51 في المئة.

حتى الآن، تم التعامل مع هذا الازدياد على الطلب عبر بناء محطات تحلية جديدة. بيد أن الإجراءات التي اتُخذت للحد من الاستهلاك قليلة جداً، باستثناء بعض حملات التوعية التي لم تثبت فاعليتها.

No comments

Powered by Blogger.