تجرى الآن تجارب جديدة في أوروبا لتغيير طريقة تعاملنا مع الكمبيوتر، فمشروع «بريزانسيا» في برشلونة بإسبانيا، يحاول تجربة كيف يتفاعل ويتعامل البشر في البيئات الطبيعية (الحياة الحقيقية) وكيف يتفاعلون في البيئات الافتراضية.
لذلك يركز العالم الاسباني( بول) من مختبره في برشلونة مع مجموعة من الباحثين الاوروبيين على موضوع تفاعل الإنسان مع الكمبيوتر، وهي تجارب تسعى للتخلص من لوحة المفاتيح والشاشة والفأرة، لنتعامل مع الكمبيوتر من دون هذه الوسائط.
ثمة متطوعون للمشاركة في هذه التجارب الواعدة، مثلا يسعى الطالب بيتارهوركي من النمسا للتحكم بأنظمة الواقع الافتراضي باستخدام عقله. فحين يفكر في المشي، أجهزة الاستشعار تستجيب للنشاط الذي يحدث في دماغه.
هذا النظام قد يساعد ذوي الاحتياجات الخاصة قريبا على القيام بأى شيء، لذا يقول هوركي: «في الحقيقة أنا لا أفعل أي شيء، فقط أتخيل بأنني أقوم بحركة في القدم، وبواسطة هذا التخيل أتمكن من التحرك في هذه القاعة الافتراضية».
عضلات مطلوبة
مفاهيم العالم الافتراضي المتقدم التي يجري تجربتها في برشلونة، ساعدت الباحثين في مدينة غراتس بالنمسا على بناء بيئة قابلة للتصديق. فالمريض يتمكن من تحريك كرسي متحرك باستخدام أفكاره. والتأثير هو نفسه ما إذا كان فعلا يتحرك على كرسي متحرك، أو ما إذا كان الواقع الافتراضي هو الذي يتحرك. الواقع الافتراضي هو وسيلة للتأكد واختبار هذه التقنية، بتكاليف أرخص
وبلا مخاطر».
من زاوية أخرى يعمل الباحث كريستوف من فريق العمل الاسباني الاوروبي في برشلونة، على تطوير أدوات مماثلة. عند تركيب أجهزة الاستشعار في مكانها يطلب من المستخدم التركيز على رمز معين. يقول كريستوف: «نعلق أجهزة الاستشعار الكهربائية على الرأس لتكون قادرة على قياس التيارات في الدماغ. ومهمة هذا الشخص، مشاهدة الرموز في تسلسل عشوائي والدماغ سيستجيب على الرمز الذي يبحث عنه، مما يعطي إشارة يتعرف عليها الكمبيوتر، بهذه الطريقة نتمكن من التحكم بالأجهزة الخارجية».
الجدير بالذكر أنه في كل مرة تظهر الرموز يتفاعل الدماغ معها، والكمبيوتر يظهر ردة الفعل ومن ثم ينفذ الأوامر. كريستوف يقوم بالكتابة والبحث على الإنترنت دون أن يحرك يده. يضيف كريستوف: «لقد أجرينا تجارب على مئة شخص، 80 % من الناس تمكنوا من القيام بذلك. ونحتاج فقط لخمس دقائق لوضع الجهاز على رأس الشخص».
إدراك الذات
استخدام إشارات المخ للتحكم بأجهزة الكمبيوتر هو جانب واحد من هذا المشروع الأوروبي، أما الجانب الآخر له فهو إدراك الذات البشرية بشكل أفضل. نعود إلى برشلونة مع المتطوعة مارس غونزاليس التي تستعد لزيارة ديسكو افتراضي لتقول: «ما نحاول القيام به هو أن نفهم لماذا يتصرف الناس بطريقة أكثر أو أقل عفوية في الواقع الإفتراضي». النظارات الثلاثية الأبعاد والسماعات تنقلان غونزاليس إلى ديسكو افتراضي «حيث تبدأ بالتنقل والتحدث مع العاملين، ليبدو كحوار حقيقي نوعاً ما. وتشعر أنك بحاجة للرد عليه». لذا يعتقد ميل أن أجسادنا هي المفتاح لبناء حالة تصديق الواقع الافتراضي.
عندما نتفاعل مع عالم افتراضي يشابه ما نراه نبدأ بتصديق مدى واقعيته ويقول: «يمكننا أن نصدق ما يجري في العالم الافتراضي عندما نتصور ما يجري هناك تماما كما نفعل في الحياة اليومية، كأن نستخدم أجسادنا، نحرك رأسنا، ننحني، نمسك بالأشياء ونحرك جسدنا بالطريقة الطبيعية».
ويضيف: «عندما يتفاعل الناس مع العالم الافتراضي باستخدام نفس النوع من آليات الإدراك التي لديهم في العالم الواقعي، عندها سيقوم الدماغ بإعطائك الشعور بوهم التواجد في هذا المكان، وأنك تتفاعل مع الكائنات فيه».أفكار ميل يتم تطبيقها في تجربة الجهاز، الذي يستخدم أجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء وكاميرات تضمن وجود مقاييس طبيعية.