يقول مثل صيني « حياة الطفل مثل ورقة بيضاء يترك عليها كل عابر أثرا ما». وأهم الآثار التي تبقى عند طفلك هي الآثار النفسية. وبين الثانية والسابعة تؤثرين بشكل مباشر على نظرة طفلك إلى ذاته بطريقة سلبية أو إيجابية.
يقول عالم النفس الدكتور دنيس ويتلي : من غير الممكن أن نعلم أطفالنا احترام الذات...يمكن فقط أن نساعدهم على اكتشافها في ذواتهم. فهل نستطيع مساعدتهم على اكتشافها؟
لماذا يعتبر احترام الذات مهما بهذا القدر في هذه المرحلة؟
أهم سبب هنا هو أنه بعد انقضاء هذه الفترة تصبح إمكانية زراعة إحساس قوي بالإيمان بالذات غير ممكنة، وتصبح فرصة الطفل في اكتساب مخاوف غير مبررة وتكوين نقاط الضعف واردة أكثر.
إن الإيمان بالقدرات الذاتية جزء أساسي من تكوين احترام الذات، وعدم نجاح الطفل حين يصبح بالغا قد يكون مرتبطا بشكل مباشر بسوء تنمية احترامه لذاته وتكوين صورته الذاتية خلال سنوات تكونه.
والأطفال الذين يعانون من نقص احترام الذات يميلون عادة إلى تجنب النشاطات التي تشكل تحديا لهم أو يستسلمون بسرعة، أو يلجأون للخداع حين لا تسير الأمور بالشكل الذي يريدون. والطفل الذي يعاني من هذه المسألة يكون دكتاتوريا متسلطا او قدرته على ضبط نفسه منخفضة، ويواجه صعوبة في تكوين الصداقات.
تبين الدراسات أن المفهوم الذي يحمله المرء عن ذاته أكثر أهمية في مجال النجاح الدراسي والأكاديمي من معدل الذكاء المرتفع. إن النجاح في المدرسة أو التكيف مع العائلة أو الأقران يعتمد كليا على الثقة بالنفس. ومن دونها قد لا تنمو مواهب الطفل لأنه قد يظل خائفا من المجازفة أو القيام بعمل إبداعي.
الطفل يولد ولديه «إمكانات عبقرية غير محدودة». وعلينا تشجيع هذه الإمكانات عبر الإشادة بما لديه من جمال وقدرات دائما. علينا أن نقول له إنه يمتلك مواهب ومهارات خاصة.
وأفضل ما يمكن أن نقدمه لطفلنا هو أن نذكره دائما أنه أهم شخص في حياتنا مع قدر كبير من الاحتضان الجسدي والكلمات المعبرة عن محبتنا. علينا أن نشعره أننا غير قادرين على تقديم كل ما يستحقه من الحب.
كل الأطفال بحاجة إلى الحب والتقدير وينتظرون المشاعر الإيجابية. ومن المفيد أن نحرص على تعزيز احترامهم لذواتهم في اللحظات التي يؤدون ما عليهم بشكل ناجح لما في ذلك من قدرة على تعزيز النجاح عندهم.
وقد يبدأ هذا التوجه بأشياء بسيطة مثل تشجيع الطفل على ارتداء بنطاله أو سكب الشاي في فنجانه من دون أن يخطئ. وعلينا أن نجد له الأعمال التي يقوم بها من دون خطأ كي نهنئه عليها ونشجعه. يجب تعزيز استقلالية الطفل وتشجيعه على محاولة تجريب الأشياء من تلقاء ذاته، وإذا ما أخطأ أو فشل نساعده على الضحك لتجاوز هذا الخطأ ونشجعه على تكرار المحاولة.
من المفيد أن نعترف له بأي تقدم أو تحسن في عمله بدلا من الانتظار حتى اكتمال العمل الذي يقوم به كي نمتدحه. ينبغي التركيز على نقاط القوة والإجادة وتنمية تقدير الذات وتشجيعه على التحدث عن ذاته بطريقة إيجابية. وعلينا أن نكون أسخياء في الإطراء عليه.
على الآباء أن يبحثوا عن المجالات التي ينجح فيها الأطفال في تنفيذ العمل وإظهار المواهب وعرض السمات الشخصية الإيجابية. ويجب امتداح الطفل على العمل المنفذ بطريقة جيدة وعلى الجهد الذي بذله.
للمساعدة في تكوين احترام الذات، علينا أن نمضي الوقت مع أطفالنا وهم يقومون بما يستمتعون به أو يجيدون القيام به، وأن نسمح لهم باتخاذ القرارات بشكل يعلمهم تحمل المسؤولية ويمنحهم الإحساس أننا نثق بهم. كثيرا ما يعمد الآباء إلى تذكير أطفالهم بأخطائهم وما تعرضوا له من حوادث. وبذلك يساهمون في إضعاف ثقتهم بذواتهم.
علينا أن ندرب أطفالنا على اتخاذ القرارات وأن يتذوقوا حلاوة نتائج القرارات الصحيحة. يجب أن نتركهم ليتعاملوا مع مشكلاتهم. فحين يحلونها بأنفسهم، تزداد ثقتهم بأنفسهم. وإذا عملنا على حلها نيابة عنهم، يظلون اتكاليين. يجب أن نصبر على أسئلتهم ومساعدتهم على التفكير بالخيارات البديلة. من المفيد تجنب الانتقادات أو السخرية. فاللوم والأحكام السلبية تقلل من الإحساس باحترام الذات وتؤدي إلى الاضطرابات العاطفية.
لن يكوّن الطفل الإحساس بالملكية والمسؤولية إذا ظل الآخرون يقررون، نيابة عنه، ما يجب أن يقوم به وكيف ومتى. إن الخيارات الحقيقية المناسبة لعمر الطفل تسمح له بالتجريب ومجابهة الأخطاء والتعلم في ظروف لا تحمل أية خطورة.