شابات يحاولن اللحاق بقطار العمر.. بالريجيم

في إحدى العيادات التخصصية، اجتمعت فتاتان كلتاهما تشكو للأخرى معاناة الوزن الزائد، والصعاب التي تواجهما في رحلة البحث عن القوام الرشيق، قبل أن يفلت منهما قطار العمر. وعلى مقربة منهما يجلس شاب يبدو في التاسعة عشرة من عمره، يتحدث بهاتفه النقال فرحا لإنقاصه 4 كيلو من وزنه خلال أسبوع، ويبشر صديقه خيرا بإمكانية اجتيازه لاختبارات الكلية العسكرية! تعددت الأسباب لكن الهدف بدا واضحا جدا، فهاجس الريجيم مسيطر على الشباب هذه الأيام، وأحلام الرشاقة تقض مضجع سمنتهم!

تقول دانة الشرهان: إن «وعي الشباب ومن الجنسين بالصحة أصبح اليوم أكثر، خاصة مع تركيز وسائل الإعلام المختلفة في السنوات الأخيرة، وبشكل لافت على الصحة، وكيفية المحافظة على الرشاقة»، لافتة إلى أنها لا تجد في اتباع الحمية الغذائية ما يدعو للتساؤل، «هذا حق مشروع لكل شخص يريد أن يتمتع بصحة جيدة، وبطبيعة الحال فإن البدانة أو السمنة تحتاج إلى اتباع حمية غذائية مكثفة، وأظن أن علينا تشجيع كل من يعاني من السمنة والبدانة للبدء في تخفيف وزنه».
وتضيف: «في السابق لم نكن نسمع كثيرا عن العيادات الخاصة بالتغذية، لكن الآن بعد انتشار السمنة، في ظل رغبة الكثير من الناس، وخصوصا الشباب في التمتع بجسم مثالي، هو ما ساهم في توسع وشعبية تلك العيادات التخصصية».
وتشير الشرهان إلى وجود شيء من الاستغلال الذي تشرع به بعض هذه العيادات التي تضع أسعارا مرتفعة في مقابل وصفة ريجيم مطبوعة يمكن الحصول عليها عن طريق شبكة الإنترنت!
ويرى عبدالله بوشهري أن الاتجاه نحو اتباع حمية غذائية للتمتع بجسم مثالي، يرجع لعدة أسباب منها التمتع بالصحة والظهور بمظهر صحي واجتماعي، مبينا أن «أغلبية الشباب اليوم حين يفكر في الزواج من فتاة يرغب بأن تكون ذات جسم مثالي، وهذا حق مشروع له، لكن بالنظر إلى الواقع، نجد أن ليس كل الفتيات في الكويت يتمتعن بذلك الجسم أو القوام المنشود. ولأن هذه النظرة الخاصة بالشاب لها أثر على الفتيات، والكلام لبوشهري «نجد أنهن يتوجهن لعمل حمية قاسية للحصول على جسم مثالي حتى لا تكون رهينة مخاوفها من أن تبقى رهينة الجسد ليفوتها قطار الزواج. ويعلق بوشهري: «ليست الفتيات وحدهن من يسعين للحمية الغذائية، ولكن في الحقيقة حتى الشباب، خاصة أن الشابات بدأن ينظرن إلى الناحية الجمالية في جسم الشاب، وأصبح الأمر يهمها في قبول شخص المتقدم لها للزواج». أما يونس العباد، فيوضح «لست من المؤيدين لبرامج الحمية الغذائية، فهي مضرة نفسيا، خاصة أنها تحتاج إلى إرادة قوية»، إلا أنه يقول: إن «الغاية للوصول إلى الرشاقة تبرر وسيلة الريجيم في نظر البعض»، لكنه يرى أن الرياضة هي خير وسيلة وأفضلها على الإطلاق. ومن ناحية أخرى يستنكر العباد ما يقوم به بعض الشباب أو الشابات على حد السواء في استخدام بعض الأدوية أو العقاقير والإبر الخاصة بإذابة الشحوم، «هي خطر يهدد صحتهم وحياتهم». بدورها، تقول شروق الردعان: «لنكن واقعيين، فالجميع ينظر إلى الشكل بأنه مهم سواء بالنسبة للفتاة أو للشاب»، مبينة أنهم جميعا يريدون أن يكون جسمهم مثاليا وجذابا، «الجسم المثالي هو واجهة الشكل، وبالتالي فإن السعي للريجيم أو الرياضة أو حتى العمليات الخاصة بالمعدة هي الحل المثالي بالنسبة لوجهة نظرهم. وتضيف: «موضة الملابس هي الأخرى لها تأثيرها، إذ أصبحت دافعا للشباب بجنسيه لعمل الريجيم، فالأزياء المتوافرة في الأسواق، تغري لارتدائها، في حين أن أصحاب الوزن السمين يعانون نفسيا من عدم قدرتهم على تجربتها، وهذا ما قد يجعلهم يلجؤون للريجيم». مؤكدة أن اهتمام المجتمع بالصحة يعكس مدى وعيهم بقيمة الصحة. أما عبدالرحمن الجويسر، فيبدو رأيه مختلفا قليلا، يقول: «نحن نعاني من مشكلتين الأولى متعلقة بمرض السمنة المنتشر لدى الصغار والكبار، والثانية بانتشار المطاعم في البلاد التي تتسبب بشكل رئيسي في انتشار السمنة». ويضيف متسائلا: «إذا كانت المطاعم السريعة والأغذية الدهنية تملأ بطون وعقول الشباب سواء من خلال الإعلانات التلفزيونية، أو الصحف بتقديمها العروض المغرية للأسعار أو الوجبات المجانية، فكيف يواجه الشباب المسكين كل هذه الجيوش المعدة سلفا لغزوه بدنيا؟». لكن الجويسر يدعم الشباب بتوجهه لعمل الحمية الغذائية قائلا: «أغلبية الشباب يتوجه لأكل الوجبات السريعة نتيجة وجوده في الكلية، أو خارج المنزل لساعات طويلة، فلا مفر من تناول الوجبات السريعة المضرة صحيا والمسببة للسمنة، «لكني أشجع وأوجه كل شاب أو شابة لعمل الحمية الغذائية لعدة أسباب أهمها أنها تعطي الإنسان عمرا أطول، وتمتعه بصحة أفضل».
وأخيرا ترى عهود البصيري أن انعدام الثقافة الغذائية هو ما يدفع بعض الشباب إلى التوجه لعيادات التغذية التي تساعدهم على تنظيم نظامهم الغذائي، وتثقيفهم في اختيار الأطعمة الصحية المناسبة لهم. وتتابع قولها إن «المجتمعات العربية والغربية دائما ما تسخر من الشخص البدين، وهذا الأمر يكون له أثر في دفع الشخص للبحث عن حلول لمشكلته، وعيادات التغذية هي الحل الأول في نظر الشباب». وتتطرق البصيري إلى حادثة شخصية حدثت معها: «كنت أعاني من السمنة، ولدي صديقة رشيقة، وفي إحدى المرات كنا في محل خاص بالملابس دخلت لقياس بدلة أعجبتني، وعندما لبستها أخذت برأي صديقتي، فعلقت على شكل جسدي في البدلة، وكان تعليقها مؤلما، ورجعت المنزل وقررت الشروع في الريجيم وخلال سنة كاملة أنقصت وزني، وبعد ذلك ارتحت نفسيا، لأني استطعت أن أتفادى أي تعليق محرج أو مؤذٍ بعد الآن. وتنصح البصيري من يريد اتباع حمية غذائية بالقول: «لابد أن يكون لديك هدف، أو على الأقل سبب يدفعك لتحمل الطريق الصعب (الريجيم)».
د. الشمري: الثقافة الصحية ضعيفة جدا
توضح اختصاصية التغذية د.وجدان الشمري أن من أسباب توجه الشباب للعيادات الخاصة بالتغذية هي السمنة، «هناك عدد لا بأس به من الشباب يلجأ للعيادات الخاصة بالحمية الغذائية لإنقاص وزنه، تأتينا حالات كثيرة منهم، يجمعهم هدف واحد وهو التخلص من الوزن الزائد الذي يضرهم صحيا ويؤرقهم من الناحية النفسية والاجتماعية». وتقول: كاختصاصية تغذية أطلب من الشخص أن يضع لنفسه هدفا لإنقاص وزنه، لأن هذا الهدف يدفعه للاستمرارية ومواصلة الحمية الغذائية التي تحتاج إلى صبر وإرادة، لافتة إلى أنها تستقبل في العيادة «حالات مختلفة أهدافها». وتعلق د.الشمري على تلك الأهداف، قائلة: «الوصول إلى الجمال بالحصول على الوزن المثالي، يعد أمرا مهما لدى الشباب، لكن الصحة هي المطلب الأساسي، خاصة أن بعض الحالات تعاني من بعض الأمراض التي يكون سببها الرئيسي هو السمنة أو مرتبطة بها، إلا أن هناك أسبابا أو دوافع حقيقية لدى بعض حالات علاج السمنة من الشباب تتعلق برغبة الشاب بالدخول إلى الكلية العسكرية، لكن وزنه لا يساعده، إضافة إلى وجود مناسبة الزواج لدى الفتاة، فتريد مثلا إنقاص وزنها في وقت قياسي، وهناك ما لا يعد ولا يحصى منها وأولا وأخيرا تجعل هذا الشخص يتحمل، ويقدم على عملية تنظيم الوزن واتباع الحمية الغذائية». وتشير الشمري إلى أنها قامت بعمل استبيان حول ثقافة الغذاء، وأثر الغذاء في صحة الإنسان، ووجدت أن هناك عددا كبيرا من المشاركين ليس لديهم أي ثقافة حول الغذاء الصحي، خاصة لدى سؤالها عن قيمة السعرات الحرارية التي تحتويها الوجبة السريعة، فكانت الإجابة الصحيحة من قبل 2 % من إجمالي المشاركين بالإجابة الصحيحة، بينما 90 % منهم لم يستطع التوصل للقيمة الحقيقية وهي 4000 سعره حرارية. وأوصت الشمري بالتزود بالثقافة الغذائية، لمحاربة السمنة التي تغزو المجتمعات العالمية والعربية في هذا العصر. 

No comments

Powered by Blogger.