الجمال.. من البيئة وإليها
يزداد التوجه في الآونة الأخيرة بين النساء وشركات صناعة مستحضرات التجميل نحو القضايا البيئية. وهذا ما تعبر عنه إحدى الناشطات في مجال مراعاة البيئة والمحافظة عليها عند استخدام مواد التجميل، إذ تقول «في الحمام وفي غرفة النوم، أريد منتجات مفيدة لي ومفيدة للأرض».
وهناك فئات واسعة تدعم الجمال الذي يراعي البيئة. وهؤلاء يطالبون أن يكون كل شيء، بدءا بالجِل الذي يستخدم في تصفيف الشعر وحتى طلاء الأظفار، صديقا للبيئة. ويحرص هؤلاء على أن تكون هذه المنتجات صديقة للبيئة من داخلها وخارجها. وهؤلاء لا تقتصر المسألة عندهم على المادة التي تجعل ظل العيون يبدو أجمل أو البشرة أكثر نعومة، وإنما تمتد إلى الاهتمام بمصير العبوة التي كانت تحفظ هذه المادة، وأين تذهب عبوة الشامبو مثلاً بعد رميها في القمامة. وقد أظهرت دراسة أجرتها مجموعة «مينتِل» البريطانية المتخصصة في أبحاث المنتجات واستهلاكها وتسويقها حول العالم، على سوق مستحضرات التجميل العام الماضي، أن واحدة من كل خمس نساء ممن تتراوح أعمارهن بين 25 و34 سنة ذكرت أنها حين تشتري مواد مُطرّية للبشرة تولي مسألة وجود عبوة صديقة للبيئة اهتماما يوازي أهمية الخصائص المضادة للشيخوخة الموجودة في المنتج داخل العبوة.
وفي دراسة أجرتها الشركة ذاتها العام 2008، ذكرت 40 % من النساء اللواتي شملتهن الدراسة أن نوعية العبوة كان يشكل جزءا مهما من قرار شراء منتج معين من مستحضرات التجميل.
وقد استجابت صناعة مستحضرات التجميل لهذا التوجه بتقديم منتجات جديدة وطرق تغليف تعتمد على مواد مصنوعة من الخيزران والورق والمواد العضوية الأخرى. وتطلق هذه الصناعة صفة «المستدامة» على مثل هذه العبوات. يقول جامي ماتوسو، رئيس تحرير مجلة «بيوتي باكيجينغ» المعنية بمستحضرات التجميل «كان التغليف المستدام الموضوع الأساسي في كل المعارض والمؤتمرات التي عقدت خلال السنتين الماضيتين. وتزعم كل الشركات إنها تتبنى هذا التوجه، لكن التأكد من هذه المسألة أمر معقد».
والواقع أن هذا التوجه ذهب أبعد من مجرد مراعاة المادة المنتجة ليمتد إلى نوعية الطاقة التي تستخدمها الشركة المنتجة في صناعة مواد التغليف وإن كانت تستخدم مصابيح كهربائية منخفضة الاستهلاك.
تقول «هيئة حماية البيئة» في الولايات المتحدة إن عبوات مستحضرات التجميل تشكل ربع النفايات، وهذه حقيقة بدأت تحظى باهتمام شركات صناعة التجميل الكبيرة والصغيرة. وكانت شركة «إستي لودر» التي تنتج 28 صنفاً قد وضعت خطة لجعل العبوات المستدامة إحدى أولوياتها. ويقول جون دلفاوس، مسؤول البيئة لدى الشركة (وهو منصب استُحدث في 2007) «يمكننا إدخال تعديلات على التصاميم قد لا ينتبه إليها المستهلك. ومنها تخفيض وزن أو سماكة أو حجم العبوة مع المحافظة على حجم المحتوى كما هو. لكن الشركات تقول إن العقبة الأساسية تتمثل في إيجاد عبوات تتكون كل أجزائها من مواد صديقة للبيئة. فعلى سبيل المثال حتى الآن لم تسفر عمليات البحث عن تأمين بديل للمضخات المستخدمة حاليا في عبوات المواد المطهرة والعطور. وهذه المضخات مكونة من المعدن والبلاستيك. ولأن استخدام هذه المواد عن طريق الأصابع يحمل خطر التلوث كان لا بد من انتظار نوع جديد من المضخات يقال إنه قيد التطوير». والآن تنتظر هذه الشركات ظهور موجة جديدة من العبوات المكونة من مواد مصنوعة من الذرة والسكر، وهي مصادر متجددة وتستخدم أصلاً في تصنيع عبوات بعض مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة.
ومع أن هذه المواد الحيوية قد تكون أساس هذه الصناعة مستقبلا، فإنها لاتزال محدودة الانتشار حتى الآن. وفي الوقت ذاته هناك مسائل على الشركات أن تجد لها حلولا كي تطمئن لاستخدام المواد الجديدة، ومنها قابلية انحلال هذه المواد بتأثير المستحضرات. والأمر الثاني أن هذه الشركات أنفقت ملايين الدولارات كي تجعل منتجاتها معروفة ومميزة بعبواتها الحالية، ولذلك تفكر في كيفية إدخال التغييرات مع الاستمرار في الحفاظ على الهوية.