البلاستيك يهدد دورة الحياة


حذر علماء بريطانيون بحريون من خطورة مادة البلاستيك على البيئة وعلى صحة الانسان. وقالوا ان هذه المادة الاساسية في الكثير من جوانب الحياة العملية، تهدد على المدى البعيد بالحاق اذى بالغ بالانسان وتلويث الطعام الذي يتناوله. واشاروا الى ان مكمن الخطر هو امكان تحول البلاستيك الى مستودع تتجمع فيه السموم، وذلك بعد الفراغ من استعماله والقائه بعيداً. ولفتوا الى قدرة هذه المادة الهائلة على مقاومة عوامل الفناء، فهي في اسوأ الحالات تتفتت الى جزيئات دقيقة تنقل السم المركز الى شواطئ القارات السبع. ونبه الباحثون الى ان البلاستيك الذي يتم التخلص منه بصورة اعتباطية، ويمثل القسط الاكبر من البلاستيك المهدور، ينتهي به الامر غالباً الى مياه المحيطات حيث يتفتت الى جزيئات صغيرة تصبح «مستعمرات سمية» قد تتناولها طيور او اسماك او كائنات بحرية اخرى فتصل الى دورة الغذاء الانسانية.

وأفيد اخيراً بان عدداً من الابحاث والتجارب التي اجريت على اجزاء طويلة من الشطآن البريطانية، اظهر ان التلوث البلاستيكي على المستوى الميكروسكوبي الذي لايمكن للمرء ان يراه، هو اوسع نطاقاً واشد خطراً بكثير مما كان متوقعاً. واشير الى ان وزن الجزئيات البلاستيكية الموجودة في عينات من المادة الرملية التي جمعت في ذروة المد البحري، يشكل ربع الحجم الاجمالي لهذه العينات. والمشكلة لاتقتصر على الشواطئ البريطانية بطبيعة الحال، فقد اثبتت التجارب ان الجزيئات البلاستيكية الملوثة منتشرة على شطآن القارات السبع كلها. وكانت دراسات اخيرة افادت بان مليارات الجزيئات البلاستيكية البالغة الدقة والموجودة في مياه المحيطات، هي عبارة عن حامل لملوثات مركزة من انواع مختلفة بينها مادة الـ «دي دي تي». واتجهت الانظار على الداوم الى الاثار الملموسة للاضرار التي تتسبب بها قطع البلاستيك الملقاة بين اكوام القمامة او التي تجرفها المياه لتتجمع على شاطئ ما، إذ تأكد ان الطيور البحرية المختلفة التي تحاول ان تقتات عليها تواجه الموت هي وفراخها في احيان كثيرة. غير ان علماء بريطانيين وغيرهم، نبهوا اخيراً الى ان اخطار التلوث غير المرئي الناجم عن قطع البلاستيك هذه التي تصبح اشبه بمغناطيس ميكروسكوبي يجتذب اليه المواد الكيماوية السامة، قد يكون اشد خطورة بكثير.

الدكتور ريتشارد تومبسون، وهو استاذ في جامعة بلايموث البريطانية اجرى ابحاثاً على التحولات التي تخضع لها مادة البلاستيك في مياه البحار والمحيطات والأذى الذي تلحقه بالكائنات البحرية، لفت في مقابلة مع هيئة الاذاعة البريطانية ( بي بي سي) الى ان هذا الامر خطير لم ينل بعد الاهتمام الذي يستحقه.

وقال الباحث البريطاني «نعرف ان القطع البلاستيكية حين تكون في مناخ بحري، تراكم وتركز العناصر الكيماوية السمية من مياه البحر المحيطة بها، ومن الممكن ان تجد مناطق مركزة على القطعة البلاستيكية الواحدة اكبر بالاف المرات مما هو في مياه البحر التي حولها». واضاف إن «هناك احتمالاً بانتقال هذه الكيماويات السمية الى الكائنات العضوية البحرية اذا تغذت على قطع البلاستيك التي لايرى بعضها بالعين المجردة». واشار الى ان « الظروف الطبيعية في جوف الكائن البحري، او المعدة والامعاء التي تصل اليها قطع البلاستيك المليئة بالكيماويات السمية، قد تساعد على اعادة انتاج وتكاثر العناصر الملوثة هذه».

ومصدر القلق الحقيقي في التلوث البلاستيكي الذي يخشى ان يزداد توسعاً مع الزمن، هو قدرة هذه المادة على مقاومة عوامل الطبيعة. وقال الباحث الاميركي مات بروان الذي يعمل في «سلك الحياة البرية والسمكية الاميركي» للبي بي سي إن اخطر ما في البلاستيك «هو قدرته على البقاء، اذ لن يتلاشى او يختفي من تلقاء نفسه». واضاف ان «الاوعية والاسطوانات البلاستيكية الفارغة التي نراها على الشاطئ اليوم قد تبقى على حالها هناك لعشرات السنوات ولربما رآها اولادك وأحفادك من بعدهم».

No comments

Powered by Blogger.