جورج: القرآن علامة فارقة للكلمة المكتوبة


ضمن الموسم الثقافي لدار الآثار الإسلامية، ألقى الدكتور آلان جورج محاضرة بالإنجليزية تحت عنوان (نشوء الخط الإسلامي) في مركز الميدان الثقافي. وقدم المحاضرة وأدار حولها النقاش بدر أحمد البعيجان رئيس اللجنة التأسيسية لأصدقاء (الدار).

استهل الدكتور جورج محاضرته، مستعينا بالعرض الكمبيوتري، محددا معالم خطوات حديثه قائلا: «يعتبر فن الخط الإسلامي من أكثر الفنون توقيرا واحتراما بين الفنون الأخرى عند المسلمين، وقد حظي بتلك المكانة منذ البداية عند ظهور الدين الجديد. وهذه المحاضرة تتتبع المراحل الأولى لمولده ونشأته وأهميته بالنسبة للعصر الإسلامي الأول».

وأضاف: «عند ظهور الإسلام كان للعرب حروفهم الهجائية الخاصة، إلا أن القرآن الكريم يعتبر علامة فارقة في نظرتهم للكلمة المكتوبة، فهو يشير إلى التحول من ثقافة شفاهية محضة إلى ثقافة أخرى تعتمد على الكتابات. لم يصلنا الكثير من هذه الفترة المبكرة، إلا أن الأبحاث الحديثة ستتيح إعادة وضع أوائل المخطوطات القرآنية، وهي أقدم ما بقي من هذا النص المقدس، في سياق تاريخي يرجع إلى القرن السادس الميلادي. خلال العقود الأولى من تلك المرحلة المبكرة، نشأت قواعد جديدة لكتابة الخط العربي، مستمدة من قواعد علم الهندسة والنسب الصحيحة، وكان ذلك في العصر الأموي، وقد ارتبطت تلك القواعد بعلاقة وثيقة بالمفهوم العلمي للكون الذي يعود إلى أفلاطون».

وتابع المحاضر الحديث عن تطور فن الخط العربي، موضحا أنه خلال العصر الكلاسيكي والعصور المسيحية الأولى، ارتبطت الأفكار المتعلقة بالكون بأصول التصميم المعماري. ومع ظهور الإسلام، كان هناك مجال جديد للتعبير عن هذا على صفحات المصحف، بينما ظهر الجانب الفكري لهذا التراث في الترجمات العربية الأولى عن اليونانية. ولعل الكتابات التي نفذت بالموازييك (الفسيفساء) على قبة الصخرة بالقدس هي خير شاهد على هذا في تلك المرحلة الأولى، ويضاف إلى ذلك ما تم اكتشافه مؤخرا من مخطوطات قرآنية ضخمة تحمل زخارف معمارية.

وعن أهمية المرحلة الأموية في تاريخ هذا الفن، وعن التحول الذي حدث في الكتابة، أوضح أنه كان جزءا جوهريا من رغبة الأمويين في تأكيد الهوية المميزة للدين الجديد والدولة الجديدة.

وأضاف أنه سرعان ما وجدت جماليات الكتابة التي ولدت في هذا العصر، طريقها وسط مجموعة من المجالات الفنية التي تتراوح بين المخطوطات والعملات توضع على الطرق في سورية الكبرى.

وفي مرحلة لاحقة ازدهرت عائلة الخط الكوفي، وتنوعت حتى القرن العاشر الميلادي، عندما بدأ ظهور الخطوط اللينة في الكتابات اليومية.

وأنهى الدكتور (ألن جورج) محاضرته شارحا المراحل اللاحقة في العصر العباسي، قائلا: «كانت تلك الخطوط اللينة إيذانا بميلاد المصحف الذي نسخه ابن البواب وأئمة في بغداد العام 1000م، ومن ثم كان ميلاد الأنواع الحديثة من الخط العربي التي ما زالت مستخدمة حتى الآن».

بعد انتهاء المحاضرة فتح باب التعليقات والتساؤلات لتطرح عدة محاور حول هذا الفن الهام في تاريخ الحضارة الإسلامية من الناحية الفنية والتاريخية.

No comments

Powered by Blogger.