المطبات تعالج الانزلاقات في الظهر

انطلقت بالسيارة، وكنت أنظر إلى البيوت وأسوارها المنخفضة المحاذية للأرصفة والديوانيات التي هدمتها البلدية، وانعطفت جهة الشارع العام بعد أن صعدت «مطبة» بسيارتي، وقد استمتعت خلال ذلك بتخيل أنني أقفز حاجزا بحصان، وهذه الصورة تلازمني كلما صعدت مطبة طولية منخفضة، لكن بعض المطبات تعطي صورا أخرى، كأن أكون في سيارتي بعد تجاوز المطبة مثل قربة في داخلها لبن يختض، وأتذكر أن البعض لديه انطباعات حسنة عن المطبات، فمنهم من يرى أنها جيدة صحيا قبل النوم لمن أخذ عشاءً دسماً، وسمعت من بعض الأشخاص أن مطبة عالجت شخصا يعاني من انزلاق في إحدى فقرات الظهر، نتيجة اصطدامه بها مباشرة إذ لم يلحظها فارتفعت سيارته ونزلت وانحرف ظهره بطريقة كانت له علاجا شافيا!!

والمطبات فيها ميزة الكشف عن الحالة الصحية للشخص، فإن صعدها متعجلا فهو يقينا يشعر بالحيوية والنشاط، أما الذين يعانون من أمراض ومشكلات صحية وصداع فتجدهم يصعدون المطبة ببطء واضح لدرجة أنك تظن أن بعضهم لن يتجاوزها أبدا، ولعل لابسي النظارات الطبية يعانون أشد المعاناة في لحظات اقتحامهم مطبات لم يروها، فتسقط النظارات في أحضانهم أو تنزل إلى منتصف وجوههم بطريقة مائلة، ولعل الدقائق الخمس التي تلي هذه اللحظة تعد من أصعب الدقائق في حياتهم والتي يحاولون خلالها أثناء حركة المرور ضبط وضع النظارة والسيطرة على المقود.

وذات مرة قال لي أحدهم إن هناك مطبة عند فرع جمعيتهم التعاونية يسميها الأهالي «المصك»، ففي صعودها يشعر السائق بارتفاع مفاجئ ثم في نزوله يحس بهبوط حاد مع ارتجاج في السيارة، بما يشبه حال رجل رفع آخر وضرب به الأرض.. ويقال إن جادة في إحدى المناطق متفرعة عن شارع فرعي امتلأت بمطبات من نوع آخر، معمولة من الإسمنت، فكل منزل في هذه الجادة كانت له مطبته الخاصة، وهذا يعني اختلاف أحجام المطبات وأطوالها وارتفاعاتها.. ويعود هذا التدافع لإقامة المطبات إلى كثرة المستهترين الذين يمرون بهذه المنطقة، وهذا يعني بصورة عامة أن كثرة المطبات تدل على تدني السلوك الحضاري، وقد دفعت فكرة «المستهترين» أحد الأشخاص إلى وضع مطبة أمام منزله حتى منتصف الشارع، أي لم يكملها إلى رصيف جاره، فكانت السيارات تمر بهدوء وتأنٍ في الجهة المحاذية لمنزله بينما تمر بسرعة في الجهة المحاذية لمنزل جاره.

وبمناسبة الحديث عن المطبات قال لي أحد الأصدقاء إنه ذات يوم سأل زملاءه في مقر عمله، وهم من جنسيات مختلفة، فقال له زميله من مصر بأنه لا توجد في شوارعهم مطبات، وكذلك زميله من سورية، ومن اليمن، ومن بعض العربية الدول الأخرى، وأذكر أننا سألنا صديقا من نيجيريا، كان يدرس هنا، عن المطبات في شوارع بلاده فقال «لا توجد»، ولم أتبيّن يومها إن كان يقصد المطبات أم الشوارع!!