نشوة اباحية

ثائر ثابت*


لمبة برتقالية تتدلى من السقف . نافذة تحجب الليل عن العبور تجاه الضوء المبعثر في أطراف الحجرة. تقرأ رسالتها الوداعية  للمرة الألف. السطر الأول من كلماتها يحرقك بلا رمادٍ،  والأخير ملح للذاكرة .

ـ " نسافر للحطام بلا وجل ونترككم لفكر وجدل..." كانت تأتيك كل فجر مقتحمة حجرتك الوحيدة الضائعة على سطح العمارة الكبيرة تنام فوق مخدة راحتك ،وتلاعب عصافيرها البرية، دون خوف من أنفلونزا البشر  .

فجر البارحة حدثتك عن حلم غريب، مربك، موجع حد الهاوية، ولم تعرف تأويله. لم تأتِ هذا الفجر. ليس من عادتها أن تتأخر، ناجيت ذاتك متوجساً. تدور قرص المذياع ، الخبر الصاعق يسحق فراشات قلبك ، نسفت جسدها؛ لتغسل عار التاريخ البشري من روث العبودية؟!.

استـــــشهــــاديــة  .... طويلة كفجرنا، سريعة الإيقاع كموتنا الشهي ،المعشوق.مليون مرة قلت لها لا تطالعي الكتب الإغريقية، لكنها هي المتمردة . ولم أكن أتوقع تلك النشوة الإباحية لممارسة الموت علانية .

ما زلت أذكر أحاديثها الطازجة عن "مارسيل خليفة" وحبها العنتري لأغانيه، حيث خطت بقلم رصاصي ذات يوم على حائط ما : " مارسيل خليفة ... لولاه  لتركنا حصون الأمل منذ حروب اليأس" .

تركتيني وحيداً بفجر كئيب، لا صلاة فيه، ولا طير ناعم يشتهي التثأوب،  ولاحتى سمكة تنزلق في رمل الجزيرة.

هي كون بنفسجي خلقت لحتفها الندي، المبكر، المتعجل، المتهور. شرعت جسدها كريح ناري تَمطر شظايا برق...

 راحلة هي لزمن لا يعود ....عائد هو لمكان يبقى...........!

No comments

Powered by Blogger.