كرنفال الألوان يجتاح العالم.. ترحيباً بالعام الجديد

مع احتفالات أعياد رأس السنة تتزين عواصم العالم ومدنها بأبهى حلة، لتبدو زاهية وبراقة جميلة، ولكل منها خصوصية في الاحتفال بالمناسبة، وإن كان بعضها أكثر تميزا من حيث الأجواء والمرح والعروض المنوعة، ولاسيما مع فصل الشتاء وبرودة الجو وتساقط الثلوج، حيث تتميز الاحتفالات بطعم خاص.

العاصمة النمساوية فيينا تعد من أجمل المدن الأوروبية التي تحتفل بأعياد رأس السنة، لطبيعتها الساحرة وبرودة الطقس وموسيقاها التراثية التي يسمعها المارة في الطرقات والأزقة والساحات الكبيرة، وتبدو الرحلة مختلفة إذ ما تجول الزوار في المناطق السياحية القريبة من وسط المدينة سيرا على الأقدام.
وللاستمتاع بفعاليات المدينة لابد من تحديد أماكن الزيارة، على أن يتخللها زيارة في أسواقها ومقاهيها لتذوق القهوة والشوكولاتة الساخنة، وما يمنح فرصة أكبر للمشاهدة مواعيد المقاهي والمطاعم والمسارح ودور السينما وأماكن السياحة باختلافها، حيث تبقى مفتوحة عن بقية الأيام العادية.
وفي أعياد رأس السنة تتنافس المحال التجارية على تقديم العروض والإعلانات الخاصة بالهدايا، وفي هذا الوقت يفضل البعض التسوق للاستفادة من الخصومات والتنزيلات الكبيرة على محلات الملابس والاكسسوارات والجلود والتحف.
كما تزخر محلات الحلويات بأنواع خاصة للعيد من الكعك بالقرفة الذي يعد في المنزل خلال احتفالات الميلاد ورأس السنة كعادة لدى النمساويين.
مدينة الدانوب كما يطلق عليها السكان يزين قاطنيها شرفات منازلهم بالزهور الملونة والنباتات المقاومة لبرودة الجو، كدعوة للتفاؤل بقدوم عام جديد. وتتزين مدينة الملاهي (البراتا) بالإضاءة، ويتم الاحتفال بالألعاب النارية واستعراضات التزحلق على الجليد والاستماع للموسيقى.
وفي المنطقة القديمة التي تعرف باسم المنطقة المثلثة، حيث تحيط بها المحلات التجارية والكنائس وبالقرب منها توجد الأوبرا والمتاحف وقصر الهوفبورغ، وهو المقر الشتوي لأباطرة الهابسبرغ في الماضي.. هنا تقام في الساحة الحفلات الموسيقية المفتوحة، ليتجه الأهالي مع إطلالة العام الجديد وتحديدا الساعة الأولى إلى جادة الرات هاوس (المجلس البلدي) لاستعراض رقصة الفالس بمشاركة الزوار من المدن النمساوية الأخرى والسياح، وفي ساعات الصباح تقدم فرقة الفيينهارمونيكا حفلا خاصا بالعام الجديد، ما يجعل رأس السنة مميزة بنكهة نمساوية.
فرح فرنسي
أما باريس مدينة النور، فغنية عن التعريف في أعياد رأس السنة، حيث يبدو شارع الشانزليزيه مزينا بالإضاءة على الأشجار من الجانبين، ومع هذه الزينة التي تسبق الاحتفالات بحوالي شهر تنطلق الاستعدادات في مناطق العاصمة الأخرى والساحات، وتنتشر الفرق الموسيقية في مختلف المعالم السياحية، كما يهتم الباريسيون بتزين هذه المعالم التي يفخرون بها.
كما أن عروض الخصومات على البضائع عامل جذب للسياح في مثل هذا الوقت من العام، خصوصا الجلود والملابس والعطورات.
وأيضا يبدأ التحضير لإقامة سوق العيد الكبير، كما يطلق عليه في وسط المدينة القديمة بالمدن الفرنسية، مثل ليون ونانسي وغيرها، لتشارك جميعها باريس في فرحة العام الجديد.
مذاق الإسباغيتي
وإيطاليا لا تقل شأنا عن دول أوروبا، حيث تقام الاحتفالات في العاصمة روما والمدن الأخرى، خصوصا في جنوب شرق إيطاليا، حيث يقدم عدد من الممثلين من منطقة كريسبيانو مشاهد خاصة بالمناسبة. تنير الزينة الأشجار في شوارع روما، وكذلك غالبية المحلات بالإنارة الحمراء، ويتجمع الساهرون في الكولوسيوم وحول نافورة تريفي التي اشتهرت بنافورة التمنيات، ليبدأ الجميع بالتطلع إلى العام الجديد، ولعل منطقة تراستيفيري الضيقة التي تعود للقرون الوسطى تزدحم مطاعمها لقضاء أمسية رائعة، بالرغم من أجواء البرد وأحيانا المطر والثلوج.
أما ميلانو أكبر المدن الإيطالية وعاصمة الأزياء والأناقة فتتنافس فيها المحلات التجارية على تقديم العروض الخاصة، كما أن منطقة بيع الأزياء العالمية في منطقة كورسو فيتوريا ايمانويل الثاني، وكنيسة دومو الأكثر في تقديم العروض السنوية والخصومات. وتتزين معالمها الجميلة مثل ساحة كنيسة دومو وقلعة كاستيللو سفورتسيسكو. وتبدع المطاعم في تقديم أطباق الإسباغيتي والمعكرونة بمذاقات متعددة.
أول احتفال
أستراليا عرفت باحتفاليتها بالعام الجديد، بإطلاق الألعاب النارية في سدني وملبورن وكبرى المدن الأسترالية. ففي سيدني أشهر الاحتفالات على مستوى العالم، ولاسيما هي أول أكبر مدينة في العالم تحتفل بالسنة الجديدة، ويشكل الحفل موسما للسياحة، حيث يفضل البعض هذا الوقت من السنة للسياحة، والاستمتاع بمولد العام الجديد بطابع أسترالي.
دار الأوبرا وجسر الميناء في سيدني من أكثر الأماكن استقطابا للاحتفال بالمناسبة، وكذلك غولد كوست، أما منتزهات أستراليا التخصصية فتقدم برامج متنوعة للكبار والصغار حتى ساعات اليوم الثالي.
تاريخ عريق
وفي الولايات المتحدة تعيش كل ولاية أجواء الفرح بحلول العام الجديد مع أمنيات عديدة، ولكن تبقى نيويورك الأكثر شهرة باحتفاليتها في ساحة تايمز سكوير، وهو المكان المفضل والمناسب للاحتفال برأس السنة، وانطلاق الألعاب النارية مع الساعة الثانية عشرة ليلا، لوداع عام واستقبال عام جديد.
في هذا الحي الذي يقع على تقاطع جادة برودواي وشارع السابع والثاني والأربعين يحيا الحفل، ومهما كانت برودة الجو يتهافت الجميع على الساحة لمشاهدة هبوط كرة مصنوعة من البلور والأضواء المشعة من عمود شاهق الارتفاع حتى تهبط الكرة، لتستقر في أسفل العمود وسط هتافات وصيحات المتجمهرين مع الساعة الثانية عشرة ليلا، وتنقل الاحتفالية عبر شاشات التلفزيون والمواقع الإلكترونية.
كما يحضر الجمهور بعض المسرحيات في هذه الليلة في المسارح الواقعة على جانبي جادة برودواي، ويستمتعون بالعزف الموسيقي في الشارع، ما يجعل لهذا الحي خصوصية حتى يومنا هذا، فماتزال ساحة تايمز مميزة طوال العام وخلال المناسبات.
وفي العاصمة واشنطن ونيوجيرسي وكاليفورنيا ولاس فيغاس ولوس أنجليس وغيرها من الولايات والمدن الأميركية الكبرى، يعيش الأهالي فرحة رأس السنة خارج منازلهم، وإن كانت الثلوج والبرودة سمة هذا الوقت من السنة.
شرق آسيا
ولا تختلف الاحتفالات في دول شرق آسيا، ففي كوريا الجنوبية يتم تنظيم العديد من النشاطات للاحتفال بقدوم العام الجديد. في منتجع ايفرلاند الترفيهي السياحي في مدينة يونغين بلبس جنوب سيئول تقام حفلات موسيقية ومسابقات، وكذلك في الصين، فبالرغم من احتفالهم بالسنة الصينية التي تعرف أيضا باسم السنة القمرية الجديدة، ويتم الاحتفال بها مع بداية أول شهر قمري في السنة الصينية، ويسمى عيد الفانوس وليلة العيد تعرف باسم تشوشي، إلا أن الصينيين يشاركون ويفرحون بحلول رأس السنة، حيث يطلقون الصيحات والألعاب النارية في كبرى الساحات. وفي تايلاند وسريلانكا وغيرها من الدول الآسيوية تعيش أيضا أجواء استقبال العام الجديد بما يحلو لهم وسط طبيعة خضراء وجو معتدل، بعيدا عن البرودة.
جمال عربي
لا تخلو الدول العربية أيضا من احتفالات العام الجديد لاستقباله وسط أمنيات وتطلعات، حيث تتزين بالإضاءة أشهر الشوارع في بيروت الجميلة والقاهرة ودمشق. ففي مصر تتحول الاحتفالات إلى مهرجانات رائعة، وتتسابق الفنادق لتقديم أفضل الحفلات والخدمات والأطباق والحلويات الشهية بعروض خاصة، كما تتزين بهو وصالات الاستقبال في الفنادق بأشجار الميلاد. وأيضا هناك السفن العائمة والمقاهي والمطاعم التي تعد برامج خاصة بالمناسبة، بمشاركة الفرق الموسيقية.
وبيروت أيضا تتنوع أماكن الاحتفالات فيها، فالبعض يفضل قضاء العيد في الجبل، أو في منطقة وسط بيروت، أو في المنتجعات الشتوية، مثل فاريا، وتحلو السهرات على أنغام الفرق والفنانين والفنانات ممن يعدون برامج خاصة لهذه المناسبة. وتبدو العاصمة في أجمل صورة بزينتها على المباني والأشجار والطرقات.
وكذلك دمشق، يعلن جبل قاسيون مراسم الاحتفال برأس السنة بإطلاق الألعاب النارية، والفرح يعم الشوارع، وتتزين المدن ومناطقها بالإضاءة، منها القصور وباب توما، والمطاعم تستقبل روادها ببرامج خاصة للمناسبة.
عودة تاريخية
يعود تاريخ تايمز سكوير مع افتتاح قطارات الأنفاق في نيويورك العام 1904، وانتقال عدد من المؤسسات التجارية، منها صحيفة نيويورك تايمز التي انتقلت الى برج جديد في قلب ساحة لونغ ايكر الذي سمي فيما بعد ساحة تايمز، وأحيت الصحيفة افتتاح مقرها الجديد بحفل كبير بالألعاب النارية، ليكون هذا الاحتفال الأول في هذه الساحة، وفي العام 1907 منعت بلدية المدينة الألعاب النارية، إلا أن الاحتفالات تواصلت في إسقاط الكرة سنويا كما هي العادة في رأس السنة اليوم.
ألعاب نارية
تستخدم الألعاب النارية في المناسبات والأعياد والاحتفالات خصوصا في احتفالات رأس السنة، حيث ارتبط انطلاق هذه الفعاليات مع إطلاق الألعاب النارية التي تنتج العديد من الألوان لتزين السماء. ويعود تاريخ الألعاب النارية الى الصين قبل مجيء الاستعمار الهولندي، ودخل هذا التقليد فيما بعد إلى دول جنوب شرق آسيا، وامتزج بعادات عدة دول، ولدى الأطفال ومشاركتهم في الاحتفالات والأعياد. أكبر الألعاب النارية في العالم كانت في الصين خلال الاحتفال بالذكرى الستين لإعلان قيام جمهورية الصين الشعبية في الأول من أكتوبر هذا العام، فقد فاقت افتتاح الألعاب الأولمبية في أغسطس 2008 بما أضاءت سماءها من ألوان وإنارة زاهية. كما كان أضخم عرض للألعاب النارية في دبي خلال افتتاح منتجع وفندق اتلانتس في نخلة جميرا في نوفمبر العام 2019، وأيضا في احتفالات رأس السنة بمشاركة الأهالي والزوار ممن حضروا لمشاهدة العرض الضخم.

No comments

Powered by Blogger.