بايونيات ذكية تحوّل لغة الإشارة إلى كلام



القفاز الإلكتروني يحتوي على برنامج تعريفي ونظام ترجمة

لعل عملية السمع من أعقد النظم الميكانيكية والعصبية التى يمكن ان يتخيلها الإنسان، ولكنها مثل غيرها من الحواس معرضة أيضا للعطل لأسباب مختلفة مثل التعرض للحوادث أو المرض أو العلاج الطبي أو حتى بسبب الوراثة.


وبحسب بعض الإحصائيات العربية فإن أولى الاحتياجات الخاصة من فئة الصم أو ضعاف السمع في العالم والذين تبلغ نسبتهم حوالي 5 % من المجتمع، هي أدوات خاصة تعينهم على شق طريقهم في الحياة أسوة بأقرانهم الأصحاء، لغة الاشارات التي يتخاطب بها الصم هي مثار حديث «علماء البايونيات» اي الاستعاضة عن الحواس البشرية بأخرى تكنوبيولوجية.

بايونيات ذكية

توصل باحث مكسيكي لاختراع «بايونيات ذكية» أو أجهزة تعويضية ذكية لغلق الهوة بيننا وبين فهم لغة الصم والبكم، فهذا الجهاز يستطيع ترجمة لغة الاشارة إلى كلام منطوق ونص مكتوب يستطيع الشخص العادي فهمه.

الباحث المكسيكي خوزيه هيرنتادز ريبولا، وهو طالب في قسم الهندسة الكهربائية في جامعة جورج واشنطن، قدم من المكسيك إلى الولايات المتحدة الاميركية لنيل درجة الدكتوراه عبر برنامج فولبرايت الشهير للمنح، ويعد أطروحته الحالية حول تطوير قفاز من الجلد ليصبح أداة تخاطب ٍ بين عالم ذوي الاحتياجات الخاصة من فئة الصم والعالم الخارجي.

وبصفة عامة فإن فكرة الجهاز الذي طوره خوزيه ليست جديدة تماما، إذ سبقه إليها العالم الأسترالي من أصل عربي وليد قدوس من مركز أبحاث جامعة نيوساوث ويلز في استراليا كما قام طالب اميركي يبلغ من العمر 18 عاما يدعى ريان باتروسون من ولاية كولورادو بعرض تقنية القفاز الإلكتروني من قبل.

وحاليا يعمل الباحثون في شركة مايكروسوفت على تطوير الفكرة ذاتها. وربما هناك أبحاث تمت في هذا الصدد في كليات الحاسبات العربية.. بيد أن الجديد الذي جاء به خوزيه هو أن القفاز يترجم الإشارات المعقدة التي تنطوي عليها رموز لغة الإشارات الاميركية، لأنه مزود بأجهزة إحساس او استشعارات ترسل البيانات إلى كمبيوتر يحول حركات الأصابع السريعة إلى كلمات تسمع من خلال مكبر للصوت أو تظهر كنص مكتوب على الشاشة على عكس التجارب السابقة.

وفي اختراع الطالب الأميركي تتحول لغة الإشارة إلى نصوص مكتوبة فقط على شاشة رقمية.. والفكرة ذاتها طبقها د.وليد قدوس حيث طور قفازات قادرة على ترجمة لغة الاشارات الاسترالية عبر جهاز كمبيوتر مبرمج على قياس حركة اليد بحيث يتمكن من تمييز الحركات المختلفة ومعانيها لينقلها كلاما مكتوبا باللغة الانكليزية على شاشة جهاز الكمبيوتر، وبلغت نسبة دقة ترجمته 95 % ولكن قدوس كان يأمل في تطوير جهاز يوضع داخل القفاز يقوم بترجمة الاشارات عندما تحدث من ثم ينقلها كلاما منطوقا عبر جهاز إرسال إلى الشخص الذي يتواصل مع شخص أصم.

آلية خاصة

يتضمن القفاز تقنيات وبرامج عدة تتمثل في أجهزة قياس التسارع وهي أجهزة إحساس مركبة على القفاز تولد إشارات من حركة اليد والأصابع واتجاهها وأوضاعها. وجهاز تحكم صغير يحلل الإشارات للكشف عن وضع الأصابع واتجاه اليد. بالإضافة إلى أنظمة العد وهو برنامج للتعرف على الاشارات وتصنيفها لتحديد الكلمة الصحيحة المتفقة مع حركة اليد. وكذلك نظام الترجمة حيث تسمع الكلمات أو تظهر كنص مكتوب على الشاشة، وتستغرق العملية برمتها بضع ثوان.

ولكن حتى الان لم يتمكن القفاز الجديد من ترجمة أكثر من 200 كلمة وبعض العبارات البسيطة، بسبب أن لغة الإشارات الأميركية تستخدم اليدين معا وليست يدا واحدة، وعليه يأمل مخترع الجهاز قريبا في طرح زوج من هذه القفازات لليدين معا، بحيث يمكن استعمال كلمات وعبارات أكثر تعقيدا.

وبالرغم أن تلك التطورات استهوت الكثيرين ولاسيما أولياء الامور من الصم والذين لديهم أبناء لم يفقدوا حاسة السمع، إلا أنه أيضا لم يرق للبعض.

يذكر أن أكثر المتحمسين لهذه التقنية هي وزارة الدفاع الاميركية التي باشرت بمنح تعاقدات لتطوير الفكرة لاستخدامها في ميادين القتال، وعبر تلك القفازات يستطيع الجنود التخاطب في ما بينهم عبر رسائل لاسلكية بهدوء ومن دون تعريض حياتهم للخطر.

تقنيات مستقبلية

توسيع آفاق تفاعل الصم وذوي السمع الثقيل مع العالم من حولهم لا تتوقف عند تلك القفازات فهناك عدد من التقنيات المستقبلية التي تجري عليها التجارب بشكل دؤوب لعل أهمها تقنية «تيسا» و «ويددوم».

و «تيسا» تقنية ترجمة افتراضية من اللغة الإنجليزية إلى لغة الإشارات تم تطويرها من قبل جامعة إيست انجليا بهدف استخدامها بشكل أساسي في مكاتب البريد. وبرنامج الكمبيوتر المستخدم هنا يحول العبارات المحكية إلى نص مكتوب فوري، ويأتى بعد ذلك دور المترجم الافتراضي الذي يحول ذلك النص إلى اشارات بلغة الصم تظهر على شاشة الكمبيرتر. ولكن تلك التقنية تلقى أيضا بعض المعارضة من قبل الصم حيث يراها البعض نوعا من حصر تلك الفئة

في التعامل مع كمبيوترات أو آلات عوضا عن التعامل مع البشر، والبعض الآخر يرى بأنها سوف تسلط عليهم الأضواء في أماكن التجمعات العامة، وهو الأمر الذي لا يرغبون فيه.

من الجانب الفني تعاني هذه التقنية من بعض العقبات مثل كونها لا تسطيع التعامل إلا مع مجموعة بسيطة من العبارات ولانها حتى الآن تعتمد على القواعد في فهم اللغة، أي أنها لا تأخذ سوى النصوص المكتوبة وتترجمها إلى لغة اشارات.

اما «ويددوم» فهي تقنية تعتمد على هواتف الجيل الثالث من الاتصالات المحمولة والمصممة خصيصا للصم تم تطويرها من قبل باحثين من ألمانيا واسبانيا والسويد والمملكة المتحدة.

No comments

Powered by Blogger.