تعدد الانتماء للمدارس المعمارية له سلبياته وإيجابياته

هناك بعض الانتقادات التي وجهت ولا تزال توجه من المختصين في مجال العمارة والعمران تنصب أغلبها في اتجاه أن البيئة العمرانية في مناطق السكن الخاص تفتقر إلى النظام والهوية والأمان،
هناك بعض الانتقادات التي وجهت ولا تزال توجه من المختصين في مجال العمارة والعمران تنصب أغلبها في اتجاه أن البيئة العمرانية في مناطق السكن الخاص تفتقر إلى النظام والهوية والأمان، هذه السلبيات يرى فيها البعض أنها نتاجا لقوانين البناء التي اثرت تأثيرا كبيرا عن طريق التحكم في حجم المبنى وبروزاته وارتفاعاته، ويمتد تأثير هذه القوانين ليشمل المباني المجاورة والملاصقة.

المهندس الاستشاري محمد الخولي أشار إلى أن البيئة العمرانية بمناطق السكن الخاص بالكويت تعرضت لتغييرات مفاجئة خلال النصف الثاني من القرن العشرين، ونتيجة لهذه التغييرات تحولت من بيئة تقليدية بسيطة تتكون من وحدات سكنية ذات أحواش مبنية من الطين والمواد المحلية إلى بيئة أخرى حديثة تتكون من مجاورات سكنية تحتوي على فيلات وبيوت مبنية على أحدث طرق البناء. هذا التحول المفاجئ في البيئة العمرانية كما يقول الخولي حدث خلال فترة قصيرة جدا مقارنة بالمدة الزمنية التي تستغرقها عمليات التطور العمراني في أغلب دول العالم.

وأوضح الخولي لــ «أوان» ان هذا التطور كان من شأنه أن ادى إلى غياب التكامل بين عناصر البيئة الثلاثة «العمرانية والطبيعية والانسانية» الذي كانت تتمتع به البيئة العمرانية التقليدية، فأصبح بالتالي كل سكن من المساكن التي تكون النسيج العمراني في مناطق السكن الخاص يعبر بأنانية عن نفسه بما يتلاءم مع رغبات ساكنيه.

سلبيات

يري الخولي ان هذا التطور المتسارع الذي عرفته البيئة العمرانية رافقته بعض السلبيات، وعلى سبيل المثال فإن الوحدات السكنية في هذه المناطق تعددت انتماءاتها للمدارس المعمارية العالمية، مما خلق نوعا من الارباك بالنسبة للمتلقي، اضافة إلى ان الأرصفة وطرق المشاة فيها احتلت من قبل السيارات والمظلات، يضاف إلى كل ذلك ندرة المساحات الخضراء وغياب الاشجار في معظم الاحيان.

وبخصوص القوانين التي تتحكم في عملية البناء في مثل هذه المناطق، اشارالخولي إلى انه إذا كان لهذه القوانين ايجابياتها فان لها سلبيات، وذلك في حال ما إذا لم يتم وضعها في إطارها الصحيح، واضاف أن جملة التغييرات المتلاحقة التي عرفتها قوانين وانظمة البناء بهدف زيادة حجم المباني ومساحة الوحدات السكنية أدى إلى إنتاج بيئة معادية للمشاة، كما أن زيادة استخدام الأراضي أدى بدوره الى تقليص المساحات الخضراء، وفوق كل ذلك كان من شأن التقليص في مساحات الردود بين الوحدات السكنية التأثير على خصوصية المسكن.

غياب الهوية

حول مدى الأثر الذي يمكن ان يخلفه هذا التمازج والتنوع في التصاميم المعمارية في المنطقة الواحدة، وحول الدور الذي يمكن ان يلعبه في إثراء المشهد العمراني، قال إن أهم ما تتميز به تصاميم الفلل بمناطق السكن الخاص هو انها تعددت انتماءاتها للمدارس المعمارية العالمية، هذا التعدد وان كان قد أثرى المشهد العمراني فيها، الا أنه خلق نوعا من عدم التجانس في ما بين أبنيتها، وذلك على خلاف ما هو عليه الحال في الدول الغربية التي يغلب على أحيائها طابع التقارب والانسجام، وعدد الخولي التصاميم المعمارية للفلل الكويتية التي يرى بانها لا تقتصر على مدرسة معمارية بعينها بل تتنوع ما بين الطراز الأوروبي والأميركي والاسلامي والأندلسي.... وغيرها من الطرز المعمارية الاخرى.

هذا التنوع المدروس في التصميم والبعد عن الخلط بين أكثر من طراز معماري في الفيلا الواحدة، يقول الخولي :يشكل عنصرا جماليا خاصة من حيث الاهتمام بنوع مواد الكسوة الخارجية المناسبة ولونها الذي تعمل على إبرازه بشكل جيد، هذا في حال غضضنا الطرف عما يخلفه من إرباك لدى المتلقي، وأيضا إذا تناسينا انه يتسبب في عدم وضوح الهوية المعمارية في مناطق الكويت.

تشوه معماري

أشار الخولي إلى أن تعدد التصاميم المعمارية والمدارس الهندسية التي تشهدها مناطق السكن الخاص دون الالتزام بطابع معماري معين أدى إلى تشويه الشكل المعماري العام للمنطقة، مؤكدا أن الأنواع المختلفة من العمارة هي مرآة تعكس حالة الشعوب الاقتصادية والدينية والاجتماعية كالعمارة الاغريقية والرومانية والإسلامية وينطبق هذا الأمر على صاحب المنزل إذ ان ثقافته تؤثر في نوع التصميم المستخدم في بيت العمر.

دور المهندس

بالنسبة للدور الذي يمكن أن يلعبه المهندس المعماري من أجل تلافي مثل هذه السلبيات التي تحدث،أوضح الخولي أن دور المهندس المعماري تجاه صاحب البيت المقبل على البناء هو تقديم النصيحة والتوجيه للحصول على تصميم جيد من ناحية الشكل والكلفة محققا في الوقت نفسه رغباته. وتوجه الخولي بالنصح لكل شخص مقبل على البناء على ضرورة أخذ رأي واستشارة المهندس المعماري من أجل اعتماد التصميم الذي يضمن الشكل الجميل في حدود الامكانيات المادية المتوفرة، وعدم الانسياق وراء كل جديد دون وعي منه أو حساب. مؤكدا أن التقدم العلمي الحاصل في مجال الدراسات الهندسية والتطور في نوعية مواد البناء والخبرة المكتسبة للأيدي العاملة أدت إلى اختلاف المباني الحديثة عما كانت عليه في السابق من حيث استخدام التقنية والتكنولوجيا، هذا التطور تولد عنه ما يسمى بـ «الأبنية الذكية» التي تعتمد على توفير شبكات الانترنت وآليات التحكم عن بعد وغيرها من التقنيات الحديثة.