الموهبة بضاعة توزع أرباحها على المجتهدين

كغيره من الأجيال المتعاقبة من القوى الشبابية في مختلف المجتمعات، يخطو الشباب الكويتي خطواته نحو التطور والتغيير واستكشاف الواقع. شبابنا بدؤوا بتلمس معطيات واقعهم العملي والمجتمعي والتعامل معها، محاولين تسخير أطره الثقافية والذاتية في خلق فرص للنجاح والتطور.


الكويتيون، في أجيالهم الجديدة، استخرجوا خبرات الأجداد التجارية من صناديق الزمن ليخلقوا منها نموذجاً متطوراً من المشاريع التي تمزج الموهبة والهواية بالتجارة والعمل المربح.

سارة المزيد، التي تدير مشروعاً لبيع الإكسسوارات والمشغولات اليدوية، ترى أن الهواية تحولت إلى تجارة، فبعد أن مارست لأوقات طويلة الرسم والتطريز في البيت كهواية فكرت بتوجيه هذه الموهبة إلى عمل كتطريز الأوشحة أو السكارفات وعمل الأساور تمهيدا لبيعها على نطاق ضيق بين الأصدقاء والأهل لينتقل هذا المشروع الصغير بعد ذلك إلى نطاق أوسع وأعم.

وتقول سارة: «إن الدافع وراء هذا الانتقال هو الرغبة في استغلال الوقت وخصوصا خلال العطلة الصيفية التي تفيض فيها أوقات الفراغ»، مشيرة إلى أن عملها يهدف إلى تطوير الذات وتنمية الهواية أكثر مما يهدف إلى الكسب المادي، وأن هذا المشروع لم يكن ليتبلور بهذه الصورة لولا دعم وتشجيع وتوجيه ذويها بالأفكار التي كانت تطر ممارستها.

وتعتبر سارة أن الكويت لعبت دور المركز التجاري منذ القدم وأن جيل الشباب الحالي استطاع أن يطوع ويستغل المواهب التي يتمتع بها، وأن يمزج تلك المواهب بموروث الأجداد المتفوقين بالأعمال التجارية، وأنه بدأ يقتحم شتى المجالات التجارية بما في ذلك مجالات كانت محظورة بسبب معطيات اجتماعية، كإنشاء مجموعات لغسيل السيارات، مضيفة: «إن شبابنا لن يستطيع أن يستمر في هذا النهج من دون دعم الدولة والمجتمع».

أما شريفة بشارة، التي تدير مشروعاً لبيع المشغولات، فتتجه بحديثها إلى أن فرص النجاح في المشاريع الصغيرة التي يقودها الشباب متفاوتة، فمنها ما ينجح بشكل منقطع النظير والآخر ينجح بصورة نسبية، فضلاً عن المتعثر، معتبرة أن تفاوت فرص النجاح مرتبط بنوع التجارة ومدى الإقبال عليها، ومهارة صاحب المشروع في محاكاة متطلبات المجتمع.

وترى شريفة أن من الحتمي على الشاب أن يستكشف ما بداخله من مواهب محاولاً استغلالها وتنميتها بصورة تعود بالنفع على شخصيته ومحيطه، مشيرة إلى أن للأسرة دورا أساسيا في تطوير وتوجيه المواهب الشابة.

وتركز فكرة مشروع فجر العبدالقادر التي تبيع الأزياء عبر موقع إلكتروني صممته بنفسها، على توفير أزياء من الأسلوب المطلوب الذي يلامس أذواق بنات جيلها ومجتمعها وهو ما استشفته بخبرتها واحتكاكها لتعرضه عبر النت، موفرةً الجهد والعناء ومشاكل القياس والتجول في الأسواق.

وتؤكد أن أي شيء يحبه الإنسان ويبدأ بصقل إبداعه فيه يمكنه بالتالي تطوير تلك النواحي الإبداعية، سعياً لتحقيق الاستفادة المادية ومضاعفة مساحة الإبداع بداخله.

وفي إطار الحديث عن الأسرة ودورها في خلق الابداع تقول العبدالقادر إن أسرتها لو لم تكن راضية ومباركة لعملها لما افتتحت هذا المشروع المربح مادياً ومعنوياً.

وتجيب فرح الحساوي، التي تستورد من الولايات المتحدة الأميركية نوعا خاصاً وطبياً من مساحيق التجميل، على سؤال عن سبب دخولها التجارة، بالتأكيد على أن ثمة أسبابا تدفعها لهذه التجربة منها توجهها وقناعتها بأن الشاب الكويتي يجب أن يعتمد على نفسه من خلال التصدي للمساهمة في تدوير عجلة التجارة في وطنه بدلاً من ترك هذا الدور للأجانب.

وتزيد في ردها أن الشاب الكويتي الممارس للتجارة يتمتع بحس إنساني وحرص مصلحي يتضح من خلال توجهه لتوفير أفضل أنواع البضاعة لأبناء بلده، رغبةً في إرضائهم وكسب احترامهم وخوفاً من انتقادهم، لافتةً إلى أن الهدف من التجارة تحقيق المربح المادي وكذلك إكساب النفس متعة ولذة الإنجاز.

ويلعب الشاب عبدالرحمن العثمان من خلال موهبته التجارية حلقة وصل بين المجتمع والشركات المختصة بإعادة تصنيع المنتجات الورقية.

ويقول العثمان: «يقوم فريق العمل في شركتي التي أديرها بجمع الجرائد والمنتجات الورقية ونقدمها إلى شركات مختصة تقوم بتحويلها إلى منتجات ورقية جديدة»، مشيرا إلى أن هذا الدور يخدم المجتمع بالتخلص من فضلاته بصورة إيجابية وكذلك توفير مادة خام للأغراض الصناعية.

وينبّه إلى أنه انطلق نحو هذا العمل من دوافع عدة، كالرغبة في بناء ذاته وتذوق طعم الاعتماد على نفسه، معتبراً أن التجارة أصبحت كالثمرة التي نبتت على بذور الموهبة بداخلها وأن عمله تحول من فرط حبه وشغفه إلى هواية لا يستطيع مفارقتها.

No comments

Powered by Blogger.