متحف الفن الاسلامي في قطر روعة المكان والمعروضات وفي الاطار إحدى المعروضات الاسلامية
يتوافدُ الناسُ يوميا ًعبر جسر يصلُ كورنيشَ الدوحة بجزيرة اصطناعية، لمشاهدة مقتنيات مُتحف الفن الإسلامي في الدوحة الذي رافقت افتتاحه حملة ٌ إعلامية عالمية، ليتجاوز عدد رواده العشرة آلاف زائر، كما أكَّد أحد موظفي المتحف لـ«أوان»ذلك بالرغم من حداثة ولادته في الأول من ديسمبر، كانون الأول الماضي.
أثناء عبورك الجسر وقبل وصولك إلى المتحف يتناهى إلى سمعك كزائر رقرقة جدول، فتبصر قناة تطفح قليلا ً بمياهها، تنزل برفق - كل عدة أذرع ٍ - على خمس أو ست درجات صغيرة، لتعزف تلك الموسيقى المحببة للمياه على مسافة 60 متراً، هي طول الجسر.
تستقبلك بعد ذلك نوافيرٌ عالية تنطلق من «بحرة وضوء» توازي أضلاعـَها ويماثل شكلـَها جدران ُ وتصميمُ المتحف الذي استلهمه المهندس الصيني ( أيوه مينغ بي) من « نافورة وضوء» مسجد أحمد بن طولون في القاهرة، وذلك قبيل نيته الاعتذار لأمير دولة قطر عن عجزه بإيجاد فكرة معمارية فريدة لبناء المتحف.
المتحف
من منتصف ردهة المتحف، يتحلق درجان من بسطة واحدة، ليلتقيا بأول طابق، يقابلهما على الطرف المعاكس جدار بلوري متصاعد حتى سقف المتحف، يطل على البحر بمشهد أسطوري تلوح عبره على البعد أبراج الدوحة.
الـُمتحف مؤلف من خمسة طوابق، جميعها يعرض التحف الإسلامية من وراء حصن حصين من الزجاج الشفاف، ما عدا الطابق الأخير الذي خـُصص لأمور تتعلق بالموظفين.
يجمع المتحف 800 قطعة أثرية بالغة الأهمية، لكل منها قصتان، قصة خلقها، وقصة رحلتها حتى استقرت بمتحف الفن الإسلامي، فتبرز من خلالها بعض من ملامح الحضارة الإسلامية على امتداد رقعتها الجغرافية، ذلك إلى جانب تخصيص قاعة لعرض آثار أصحاب الديانات الأخرى التي عاشت في ظل الحضارة الإسلامية.
وهكذا بعدة ساعات، يمكنك إرجاع عجلة الزمن إلى الوراء، فتنتقل من غرناطة والمغرب إلى إيران، ومن تركيا إلى الهند وسورية ومصر والقيراون، فتشاهد الرسم الراقي على خزفيات المسلمين الأوائل وأواني موائدهم، فتعرف مدى اهتمامهم بالرفاهية والجمال من خلال دقة صناعة أباريقهم الزجاجية ورسوم الفرسان التي تزين جدرانها.
وكم تبهرك خناجرهم المطعمة بالأحجار الكريمة، وجواهر نسائهم من قلائد وصناديق وخواتم، وصولاً إلى عشقهم للعلوم
وأدواته من دواة الحبر والمقلمة والفرجار والمنقلة والإسطرلاب بأشكاله المتعددة و الكرات السماوية و الروزنامات السنوية،
و مخطوطات الأبحاث الطبية و الصيدلانية، و تلك التي تشرح أنواع الرياح والأسطرلابات وغيرها.
تنتقل من قاعة إلى أخرى، لتريك الأولى الفن بالخط العربي، فتتجلى وترتقي إلى السماء مع الحرف ورسمه من المغرب إلى الكوفة، بينما تطلعك الثانية على نسخ نادرة للقرآن الكريم عبر القرون المختلفة، لترى نفسك – و أنت تتأمل و من دون أن تدري- قد اندفعت باتجاه آخر نحو تفكير عميق.
أساطير ومخطوطات
قاعات أخرى تعرض مخطوطات لبعض الأساطير الإيرانية المزودة برسوماتها – كما هي العادة – أو ما ُكتب شرحه تحت المخطوطة (الشاهنامة )، ليـُخلب لبـُك بانسجام ألوانها الساحرة وتدرج زرقتها التي كان أحدها تحت عنوان ( كابوس الضحاك)، حيث صورت رجلا ً نائما ً في قصر حوله أعيان وأحداث تجري.
صالات وصالات تعبر عصورا ً بأربعة طوابق، منها ما عرض الفن الإسلامي بالسجاد... نقوش ورسوم باهرة، صناعة متقنة وجودة إلى يومنا هذا رغم مرور مئات السنين.
تخرج من المتحف وأنت متأكد بأنـّك ستزوره مرة أخرى، ليقينك بأنَّ الساعات التي خصصتها لجولتك لم تكن كافية لاستيعاب كل الجمال الذي خزنته ذاكرتك.
متحف الفن الاسلامي في قطر روعة المكان والمعروضات وفي الاطار إحدى المعروضات الاسلامية (أوان)