كيف تكتشفين عبقرية طفلك؟!


كيف تكتشف الأم عبقرية طفلها؟ وكيف تتعامل معه وتنمّي قدراته ومواهبه؟ وهل كل طفل ذكي هو طفل عبقري أم أن هناك فرقاً بين العبقرية والذكاء؟ وهل الذكاء وراثي أم مكتسب؟ أسئلة تتردد في أذهان كثير من الأمهات سنحاول الإجابة عنها خلال السطور التالية.. يزخر وطننا العربي بقصص كثيرة من الأطفال العباقرة منهم الط
فل المصري محمود وائل ذو السنوات العشر والذي تمكن من حفظ جدول الضرب وعمره 3 سنوات و6 أشهر، ويقوم الآن وعمره 10 سنوات بضرب الأرقام حتى مليون، وهذه الأرقام الكبيرة لا تستطيع الآلة الحاسبة العادية إيجاد نتيجتها، لذلك يلجأ المتخصصون إلى استخدام الكمبيوتر للتأكد من نتيجة اختباراته.

كذلك هناك الطفل كريم محمد إبراهيم الذي حصل على الميدالية الذهبية في البرمجيات وعمره 10 أعوام أيضاً، وهناك الطفل محمد البراك الكويتي الذي تمكن من حفظ القرآن الكريم وعمره 6 سنوات، والطفل السعودي عبدالرحمن طربسوني والذي يعمل الآن في شركة ميكروسوفت العالمية نظراً لعبقريته في مجال البرمجيات. كانت هذه أمثلة لأطفال وشباب عرب نبغوا وتم تكريمهم، ولكن هناك آلاف الأطفال العباقرة الذين لم تتح لهم الفرصة حتى يتم اكتشافهم. فالدراسات تشير إلى أن الطفل العربي من أذكى أطفال العالم حتى سن السادسة وهو سن دخول المدرسة، حيث تعوقه المناهج الدراسية المعتمدة على التلقين والحفظ وتمنع تنمية ذكائه وقدراته العقلية. يشير الدكتور هاني الزهيري صاحب أول برنامج لرعاية الأطفال العباقرة والموهوبين إلى أن هناك 20 مركزاً في مخ الإنسان هي المسؤولة عن تحديد نسبة ذكائه، نصف هذه المراكز يوجد في الفص الأيمن للمخ، ونصفها الآخر في الفص الأيسر، وهذا الفص هو المسؤول عن الأمور الحياتية كاللغة والحساب والبديهيات وتحليل الموضوعات والوقت والذاكرة.

أما الفص الأيمن فهو المسؤول عن الرومانسية والعاطفة والمهارات الحركية والمسافات والإدراك الكلي. ولتحديد نسبة ذكاء الإنسان قام اثنان من العلماء وهما ستانفورد وبنييه بعمل أول اختبارات للذكاء في العام 1950 اعتمد على مجموعة من الأسئلة المتصاعدة توجه للطفل لتحديد عمره العقلي، ولكن هذه الاختبارات عادة ما تجرى في وطننا العربي في الحالات المرضية فقط. وفي العام 1982 أخرج العالم جاردنر نظرية الذكاءات المتعددة، عالج فيها المشاكل التي نتجت عن اختبارات الذكاء العادية، حيث لم توضح تلك الاختبارات سبباً لتميز شخص ذكي في مجال معين عن باقي المجالات، وأكدت نظرية جاردنر أن كل شخص لديه مجموعة من المهارات يمكن تنميتها كل على حدة. ومن هنا فالشخص الذي يتمتع بالذكاء البدني يختلف عن الشخص الذي يتمتع بالذكاء اللغوي أو الموسيقي (الإيقاعي) أو اللفظي وتم تغيير نظم التعليم في بعض الدول الأوروبية لتتماشى مع هذه القواعد التي تهدف إلى تنمية قدرات كل شخص على حدة. ونتيجة لظروف وطننا العربي وعدم صلاحية تطبيق هذه النظريات علينا، تم وضع نظرية جديدة للذكاء تعمل على الاستفادة من النظريتين السابقتين بحيث تجعل الـ20 مركزاً الخاصة بالذكاء في مخ الإنسان تعمل بمنطقية مع بعضها.

فالذكاء ذكاء فطري أو جيني يخضع للخريطة الجينية أو الوراثية للإنسان، وما نتحكم فيه هو الجزء المكتسب أو المعلومات التي يتم منحها للطفل وفقاً لعدد المراكز التي تعمل في مخه، والقدرات التي يتمتع بها. وأضاف الدكتور هاني أن برنامجه يعتمد على إشباع رغبات الطفل أولاً في المعرفة بعد تحديد نسبة ذكائه وعمر العقل من خلال الاختبارات المعروفة بالـIQ، ومده بالمعلومات وربطها بطريقة علمية مبسطة، ومن خلال هذه النظرية يمكن التفرقة بين الشخص الذكي والعبقري والموهوب، فالشخص الذكي هو الذي يتمتع بنسبة ذكاء تزيد على 130 في الاختبارات في حين يتمتع الشخص الموهوب بقدرة عالية في مجال أو أكثر ولا يشترط أن تكون نسبة ذكائه عالية، وهذا ما يفسر لماذا يتفوق الإنسان في مجال ما رغم عدم نجاحه في مجالات أخرى.

وهؤلاء الأشخاص الموهوبون تترواح نسبتهم بين 3 % إلى 5 % من البشر، أما الشخص العبقري فهو من يستطيع أن يحل المشكلة بالمعطيات الموجودة حوله وهؤلاء نسبتهم تتراوح بين 0.5 % إلى2 % من البشر، وباقي الناس وعددهم حوالي 95% فمهما كانت قدراتهم، فقط ينفذون هذه الأفكار التي يبتكرها العباقرة والموهوبون، ويتم تعليمهم من خلال التلقين. وأشار الدكتور هاني إلى أن برنامجه لتنمية الذكاء يعتمد أولاً على عمل اختبارين للذكاء واختبار شخصي للطفل لمعرفة أهم ملامحه الشخصية وطبيعته، وبناء على هذه الاختبارات يتم تطبيق البرنامج عليه وتنمية مهارات التفكير والذكاء لديه، كما يعتمد البرنامج على تنمية مهارات التخطيط والتنظيم والتنفيذ والعواطف والميول لدى الإنسان.

ويتكون الفصل الدراسي من 8 إلى 10 أشخاص وتكون مدة التدريب 6 أشهر يحصل خلالها المتدرب على ساعة أسبوعياً، ويقدم للأطفال الأذكياء النابغين برنامج لاستغلال ذكائهم وتوجيهه التوجيه المناسب. ذكاء مبكر وإذا كانت ملامح ذكاء الطفل تظهر منذ نعومة أظفاره فكيف يمكن اكتشاف الطفل العبقري؟ يجيب عن هذا التساؤل الأستاذ بمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس الدكتور إلهامي عبدالعزيز مشيراً إلى أن ملامح ذكاء الطفل تظهر منذ طفولته ويتضح ذلك من خلال تصرفه في المواقف المختلفة، والأسئلة التي يوجهها إلى أمه، وكيفية تحاوره مع الآخرين، وكيفية تعامله مع المشكلات التي تواجهه. وعلى الأم ملاحظة الكيفية التي يتصرف فيها طفلها في المواقف المختلفة حتى يمكنها اكتشاف ذكائه أو عبقريته، فاكتشاف هذا الطفل سهل من خلال ملاحظة قدرته على الفهم السريع، والاستدلال، وربط الأشياء ببعضها، والخيال حيث يتمتع الطفل الذكي بخيال واسع وتكون لديه القدرة على التعبير اللغوي مما يجيش بداخله أكثر من أقرانه في نفس عمره.

ويصنف الدكتور إلهامي ذكاء الأطفال بالنسب قائلاً: أكدت الدراسات العلمية المختلفة أن الطفل الذي يتمتع بنسبة ذكاء أقل من 70 درجة طفل ضعيف العقل، من 70 إلى 80 طفل بيني، ومن 80 إلى 90 طفل دون المتوسط من 90 إلى 110 متوسط الذكاء، من 110 إلى 120 فوق المتوسط، من 120 إلى 130 ذكي من 130 إلى 140 ذكي جداً، ومن 140 إلى 150 طفل عبقري، وهذه النسب يتم تحديدها بناء على اختبارات الذكاء التي تجرى للأطفال، ولكن ملاحظة الأم هي أول خطوات اكتشاف الطفل العبقري، فإذا لاحظت الأم في طفلها خاصة في سنوات عمره الأولى نموه اللغوي بشكل أفضل من أقرانه، وحسن تصرفه في المواقف المختلفة، وفهمه السريع إذن فهي تتعامل مع طفل ذكي، وفي هذه الحالة يكون عليها التعامل معه بشكل مختلف عن الأطفال الآخرين، فعليها دائمًا إثراء الجانب المعرفي لديه، وإعطاؤه معلومات أكثر من أقرانه حيث تكون لديه القدرة على الفهم والتركيز، والرغبة دائمًا في المعرفة.

ويضيف الدكتور إلهامي أن هناك مشكلات يتعرض لها هذا الطفل الذكي أو العبقري فيصبح «طفلاً مشكلاً» كما يطلق عليه في علم النفس، نتيجة لشدة ذكاء هذا الطفل، فالأطفال في مثل سنه لا يستطيعون التجاوب معه نتيجة لفرق النمو العقلي بينهم، وبالتالي قد يصبح طفلاً منطوياً أو يفضل التعامل مع من هم أكبر منه سناً وغالباً ما يثير هذا الحال والدته فتنهره بشدة، وبالتالي تتأثر صحة هذا الطفل نفسياً. كذلك في المدرسة قد يتعرض هذا الطفل لمشكلات نتيجة فهمه لشرح الدرس بسرعة أكثر من أقرانه، وبالتالي يصعب عليه التعامل معهم، وقد يبتعد عنه الأطفال لشعورهم بأنه أعلى منهم، لذلك فهناك مدارس تربوية ترى ضرورة الإسراع بتعليم الأطفال الذين يتمتعون بنسب ذكاء عالية، فنجد طفلاً في العاشرة من عمره مثلاً يدرس مناهج الثانوي، ولكن هذا يتوقف على نسبة ذكاء الطفل التي يمكن تنميتها من خلال ملاحظة الأم أولاً.

أما أستاذ الصحة النفسية، ورئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لدعم الإرشاد النفسي والعلاج الدكتورة حنان الشاذلي تضع أيدينا على إجابة السؤال: كيف تتعامل الأم مع الطفل شديد الذكاء؟ وتقول يجب أن تلاحظ الأم طفلها في أفعاله وكلامه، فأول علامات الذكاء والنبوغ تلحظها الأم في قدرات الطفل اللفظية، فنموه اللغوي وقدرته على تركيب الجمل تركيباً صحيحاً في سن مبكرة دليل على ذكائه، ثم إن هناك قدرات علمية تظهر في الصغر ويخرجها الطفل في صورة رغبته في فك وتركيب ألعابه. وأضافت الدكتورة حنان: كذلك يجب على الأم ألا تمنع المعرفة عن الطفل، فإذا سألها عن شيء فعليها تبسيط المعلومة وشرحها له، أما إذا كانت الأم لا تعلم إجابة للسؤال الذي سأله لها الطفل، فعليها أن تأخذه معها إلى المكتبة وتبحث معه في الكتب عن هذه المعلومة ليتعلم الطفل منها أهمية الكتاب وإكسابه مهارة جديدة وهي البحث عن المعلومات بنفسه. وأشارت إلى أن هناك مشكلة دائمة يعاني منها الأطفال الأكثر ذكاء وهي مشكلة معاملتهم داخل المنزل، فالطفل الذكي يحتاج إلى معاملة خاصة، في حين أن والدته قد تتعامل معه على أنه طفل صغير يؤمر دائماً وعليه التنفيذ، وهذا ما يعد أسلوباً خاطئاً، فهؤلاء الأطفال يحتاجون إلى مخاطبة عقولهم وليس أعمارهم.

No comments

Powered by Blogger.