أيها المتزوجون الجدد.. كيف تتفقون؟

انطلاقاً من مبدأ أن الحياة بين الزوجين عبارة عن شراكة، فإن تلك الشراكة غالباً ما تتزعزع بفعل العديد من التدخلات والضغوط الاجتماعية التي تلقي بثقلها على هذه العلاقة المقدسة التي تحتاج إلى التجديد والتطوير شأنها شأن كل الأمور في حياة الإنسان، وذلك لقتل الروتين والملل الذي يصيبها في بعض الأحيان، ويؤدي إلى زعزعتها، ثم تدميرها .

من هنا، وبهدف التأسيس لحياة زوجية ناجحة يتغلب فيها الزوجان على المعوقات والعديد من الأمور التي من الممكن أن تنغص سعادتهما، أقام مركز إصلاح ذات البين دورة تحت عنوان «أيها المتزوجون الجدد كيف تتفقون؟»، تحدث فيها الاستشاري في العلاقات الأسرية الدكتور محمد رشيد العويد الذي أكد في الكلمة التي ألقاها أن الحياة بين الزوجين عبارة عن مشاركة، ولابد أن يكون هناك وفاق بينهما، حتى يسير مركب الأسرة إلى بر الأمان.

ولفت إلى وجود محاور رئيسية عدة تؤسس لحياة سعيدة بينهما، منها أهمية الإنصات، وهي مهارة شبه غائبة في الحياة الزوجية، فالقليل من الأزواج والزوجات يتقن هذه المهارة، وكثير منهم يجدون الإنصات أمراً ليس سهلاً.

وأضاف العويد «من خلال استماعي لعشرات الزوجات اللواتي كنّ يعرضن مشكلاتهن الزوجية، وجدت عندهن حاجة كبيرة إلى من ينصت إليهن وهن يشتكين أزواجهن. وكنت أشعر في إنصاتي بأنهن سعيدات بذلك وكنت أدرك، من خلال إجاباتهن عن بعض الأسئلة التي أطرحها، أنهن يفتقدن من أزواجهن ميزة الإنصات لهن»، ناصحاً الأزواج بعدم إهمالهم الإنصات إلى زوجاتهم، أياً كان الموضوع الذي تتحدث عنه الزوجة، حتى ولو كان غير مهم في نظر الزوج لأن الغاية من هذا الإنصات هي إراحة الزوجة وجعلها «تفضفض» ما في نفسها من مشاعر وأحاسيس مختلفة.

وأوصى العويد الأزواج بعدم البخل بالوقت الذي يمضونه في الإنصات إلى زوجاتهم، فهذا وقت ليس مضيّعاً، لأن الفوائد التي يجنيها الزوجان من الحديث والإنصات عظيمة كثيرة، مشدداً على أهمية إنصات الزوجة لزوجها أيضاً، وقال: زوجك يحتاج منك أن تنصتي إليه عندما يتحدث، فلا تهملي إبداء الاهتمام بما يقول، ولا يشغلنّك أي عمل عن الاستماع إلى أحاديثه، إنه كذلك يرتاح حين يجد من ينصت إليه باهتمام ويتفاعل مع كلامه، فلتكوني أنت ذاك الإنسان القريب منه المتعاطف معه.

إلقاء السلام.. والاستقلالية

وتطرق العويد أيضاً إلى أهمية إلقاء السلام عند الدخول إلى البيت، وقال كم هو جميل أن يكون أول عمل يقوم به الرجل بعد دخوله بيته هو إلقاء السلام على زوجته، وهي تحية جميـلة لأنها تحمل معاني جميلة وهي السلام والرحمة والبركة، وليست أي رحمة وبركة، إنما هي رحمة وبركات الله تعالى.

وأوضح أنه من الأمور التي تجعل الأسرة سعيدة منح الزوجات استقلالهن، مبينا أن الكثير من الزوجات يعانين من مشاركة أهل الزوج في المسكن، ويطالبن بضرورة وجود مسكن خاص حتى وإن كان غير مناسب لهن، فالمهم ألا يتدخل أحد في حياتهن والعلة هي الاستقلال.

ولفت إلى «أن الزوجات يعبرن بهذه الكلمات عن مدى الضيق الذي وصلن إليه من التدخل في حياتهن وشدة الحاجة إلى الاستقلال في سكن خاص بهن. وهؤلاء الزوجات على حق، لأن فقدان الاستقلال في العيش وراء جعل حياتهن نكدة وغير سعيدة وكثيرة التنغيص، ولعلي أخالف بهذا كثيراً من الداعين إلى أنه من الأحسن أن تعيش الزوجة مع أهل زوجها، أو أن يعيشوا معها منطلقين من كون هذا العيش المشترك يحقق ما دعا إليه الإسلام من صلة الأرحام. وردي على هؤلاء بأن الصلة تعني التواصل والتزاور وعدم القطيعة، ولا تعني العيش المشترك الذي ينشئ خلافات كثيراً ما تؤدي إلى قطع صلة الرحم».

«كتم الاسرار»

ورأى أنه من المهم أيضاً أن يكتم كلا الزوجين أسرار الآخر، فكم يُصدم الزوج ويحزن حين يفاجأ بأحد من أهل زوجتـه يحدثه بأمر خاص لا تعلمه إلا زوجته، ويفهم أنها لم تكتم هذا الأمر وأفضت به إلى أهلها، كذلك كم تحزن الزوجة حين تفاجأ بمن يسألها عن أمر استكتمته زوجها، وأوصته ألا يحدث به أحداً، لذلك إن عدم كتم الأسرار والبوح بالخصوصيات، كثيراً ما يوقع الخلاف الشديد بين الزوجين، ذلك أنه يشير إلى أن من باح بالسر لم يقدّر صاحبه، ولم يف بعهده له، ولم يشعره باحترام الخصوصيات التي بينهما، فالله تعالى يقول في كتابه العزيز مادحاً الزوجات الصالحات بحفظهن الغيب: «فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله»، وفي الحديث الصحيح «إن من أشر الناس منزلة يوم القيامة؛ الرجل يُفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر أحدهما سر صاحبه».


بعض المزاح.. يبعد الأتراح


تحدث العويد عن أهمية المزاح بين الزوجين، وذكر أن هناك دراسة أعدها باحثون من جامعة ستانفورد في واشنطن حول مدى تفاعل عقول النساء والرجال للدعابة، كشفت أن المرأة أكثر قابلية للتمتع بالنكتة إن كانت مضحكة بالفعل.

وقال الدكتور آلان ريس الذي قاد البحث : أعتقد أن الدراسة تسهم في إرساء قواعد فهم الاختلافات بين الأفراد، مشيراً إلى أن حسّ الدعابة يعين البشر على التكيف مع ضغوط الحياة وتأسيس العلاقات وتوطيدها، وقد تسهم في تقوية جهاز المناعة في الجسم.

وفي معرض تعليقه على هذه الدراسة، قال العويد : ماذا يعني هذا أيها الإخوة المتزوجون؟

أليس في ما يعنيه أننا معشر المتزوجين نحتاج إلى إدخال المرح والدعابة إلى حياتنا الزوجية حتى نخفف من الضغوط التي تزيد في بعض خلافاتنا؟ بل قد تشعلها أحياناً؟!

إن الجدية المستمرة، والعمل المتواصل ، يحتاجان إلى شيء من المرح والفكاهة والدعابة التي تلطف الأجواء، وتبعث في النفوس الحبور والسرور. ولقد كان حبيبنا -صلى الله عليه وسلم- يمازح الصحابة وأمهات المؤمنين، فما منعه من هذا المزاح أعباء الدعوة الكبيرة.

وأورد العويد بعض الطرائف والنكت عن الأزواج والزوجات ليختاروا منها ما يرونه مناسباً ليحكيه بعضهم لبعض:

- دعت زوجة ربها فقالت في دعائها:

اللهم امنحني الحكمة لأفهم الرجل ، وألهمني الصبر لأتحمله ، لأنني إن سألتك القوة ومنحتني إياها فلن يوقفني شيء عن ضربه؟

- سأل أحدهم صديقه في عزائه بزوجته: كيف ماتت زوجتك؟ أجاب: نطحها الثور الذي اشتريناه قبل يومين.

فقال الصديق المعزّي: ما أكثر هؤلا ء الرجال الذين جاؤوا يعزونك بها!


فرد الزوج: هؤلاء لم يأتوا لتعزيتي.. بل ليشتروا الثور!

- زوج رومانسي قال لزوجته بعدما نام أطفالهما:

قولي لي كلمة دافئة؟

فقالت: مدفأة؟

قال الزوج: لا، لم أقصد هذا، قولي لي كلمة حلوة.

قالت: رهش حلاوة !

قال الزوج : لم لا تفهمينني ؟ ! قولي لي كلمة تفجر ما في داخلي.

قالت: قنبلة تفجرك وتريحني منك ومن طلباتك السخيفة!!

- لم يكن للأم سوى ولد وحيد، فكانت تتعجل زواجه لتطمئن عليه ولتساعدها زوجة ابنها في رعايته وفي أعمال البيت.

واختارت الأم فتاة تزوجها ابنها، لكنها فوجئت بأنها لا تعينها في شيء، بل تجلس تقرأ المجلات وتشاهد التلفاز، فاتفق معها ابنها على أمر. دخل البيت يوما فسأل زوجته عن أمه فقالت له : في المطبخ تغسل الصحون، فأسرع إلى المطبخ وهو يقول لأمه رافعا صوته لتسمع زوجته: سأغسل عنك الصحون يا أمي، لا يعقل أن تقومي وحدك بأعمال البيت كلها.. ينبغي أن يساعدك أحد.

وردت عليه أمه بصوت تسمعه الزوجة: هذا عمل النساء يا ولدي ويكفيك عملك خارج البيت..

فأسرعت الزوجة إلى المطبخ لتقول لزوجها وأمه: لا داعي لهذا الخلاف.. أنا أرى أن تقسما العمل بينكما أنت تغسل

يوماً.. ووالدتك تغسل يوماً آخر!


احذر تودد زميلتك في العمل


أكد العويد أنه من المهم الحذر من الزميلات في العمل، وقال أحيانا يذهب الزوج إلى عمله وآثار الضيق ظاهرة على وجهه بسبب الخلافات التي زادت بينه وبين زوجته.

فتلاحظ زميلته في العمل ملامح الضيق الظاهرة في وجهه، ويحدث السيناريو التالي:

تسأله وهي تتعاطف معه: عسى ما شر ؟!

أجابها: متعب قليلاً.

قالت: لا عاش من يتعبك ويزعجك!

قال: أنا أفكر في طلاقها.

قالت: توقعت أن تكون زوجتك هي التي.. وسكتت.

قال: دعينا منها الآن.

قالت : إني والله لأعجب من زوجة عندها رجلٌ مثلك فلا تقدره ولاتحترمه.

قال: أشكرك على حسن ظنك.

ومضت الأيام وزميلته تزداد اقترابا منه، ومواساة له، واهتماما به..

حتى نجحت في استمالته إليها كثيراً، فصار معلقا بها يحكي لها تفاصيل خلافه مع زوجته.. وكانت بدورها تقول له عبارات تزيد في تأليبه عليها وتنفيره منها من مثل: ليس لها حق في ذلك، كيف تخاطبك بهذه الكلمات،إنها لا تقدر النعمة التي هي فيها، كل النساء يتمنين لو كان عندهن زوج مثلك، وغيرها من العبارات التي كانت تحرض بها زميلها على زوجته.. حتى جاء يوم لم تتردد فيه أن تقول له: لو كنت زوجتك لوضعتك بين رموش عيوني وصرت لك خادمة ! كانت هذه العبارة هي القاصمة.. ففي اليوم الذي يسمع من زميلته هذا الكلام.. يطلق فيه زوجته ليتقدم إلى خطبتها في اليوم التالي. يقول النبي صلى الله عليه وسلم «ليس منا من خبب امرأة على زوجها، أو عبداً على سيده »، والخبب الغش والخداع.

No comments

Powered by Blogger.