الفنادق الصديقة للبيئة.. ظاهرة تنتشر حول العالم

نذ عشر سنوات كان مصطلح «الإقامة في أماكن صديقة للبيئة» يعني استئجار منزل في منطقة جبلية خلال موسم البرد، والاستمتاع بالدفء تحت غطاء سميك، وتناول الخضار الطازجة من الحديقة المحيطة بالمنزل، ثم إعادة تدوير النفايات التي تتبقى قبل أن تصل إلى الطرقات الريفية المجاورة.

منذ عشر سنوات كان مصطلح «الإقامة في أماكن صديقة للبيئة» يعني استئجار منزل في منطقة جبلية خلال موسم البرد، والاستمتاع بالدفء تحت غطاء سميك، وتناول الخضار الطازجة من الحديقة المحيطة بالمنزل، ثم إعادة تدوير النفايات التي تتبقى قبل أن تصل إلى الطرقات الريفية المجاورة.

أما الآن فقد أصبح هذا المصطلح ينطوي على مضامين الرفاهية وحياة المدن، وذلك مع قيام الفنادق والمحلات التجارية -التي لا توجد أمامها مناظر طبيعية، بل فقط مناظر لناطحات السحاب- بإدخال بعض الممارسات الصديقة للبيئة ضمن استراتيجيتها. على سبيل المثال، عندما يطلب السائحون الذين يقيمون في نزل «أولد بانكوك» في العاصمة التايلاندية من موظف الاستقبال أن يطلب لهم (تاكسي)، فإنه ينصحهم بعدم استخدام التاكسي لأن شوارع بانكوك تعاني من مشاكل الازدحام الشديد، ولذلك فإنهم سيصابون بالإرهاق والتعب النفسي، إضافةً إلى أنهم سيتأخرون عن مواعيدهم. وعندما يسأله السائحون عن البديل، فإنه يقدم لهم قارب الجندول المزوَّد بمحرك، والذي يستطيع نقلهم بسرعة عبر قناة مائية في وسط بانكوك وتوصيلهم إلى محطة القطارات، التي يستطيع الإنسان استخدامها للوصول إلى أي نقطة يريد. ونُزُل أولد بانكوك ليس إلا واحداً من بين العديد من الفنادق التي أصبحت تتبنى هذه الاستراتيجية من خلال حث السياح على الابتعاد عن وسائل النقل التقليدية، التي تستهلك المحروقات بكميات كبيرة، وتوجِّههم نحو وسائل النقل البديلة والنظيفة.

وهي بذلك تقدِّم نفسها على أنها فنادق «خضراء» وصديقة للبيئة. هناك العديد من الفنادق العالمية الشهيرة التي تبنَّت التوجهات البيئية، مثل فندق «أبيكس سيتي» في لندن، الذي يوجد لديه موقع بيئي يطّلع الزبائن من خلاله على آخر المبادرات والقرارات البيئية التي اتَّخذها؛ وفندق «إيبي بورت كليشي سنتر» في باريس الذي توجد على واجهته أجهزة خاصة بتوليد الطاقة الشمسية؛ وفندق «لينوكس» في بوسطن، الذي يُعتبر من أوائل الفنادق التي تقدم غرفاً لا تنبعث منها أي غازات تؤثر على المناخ كما تتمكن من موازنة الانبعاثات الكربونية الناتجة عن الكهرباء بنسبة مئة بالمئة.

 وحسب موقع «الفنادق الصديقة للبيئة» على شبكة الإنترنت، يبلغ عدد هذه الفنادق أكثر من ألفين و800 فندق، وهي تُصنَّف وفقاً للأشجار الخضراء وليس النجوم، حيث يتم تحديد التصنيف من خلال مدى التزام الفندق بالمعايير المذكورة على الموقع والبالغ عددها 29 معياراً. وهذه المعايير تشمل كل شيء، بدءاً من تحويل النفايات إلى أسمدة عضوية وإعادة تدوير مياه الصرف الصحي وصولاً إلى الأعمال الخيرية وعدم وضع الجرائد أمام باب غرفة النزيل. وترى كاثرين بوتر، وهي نائب رئيس قسم التسويق والاتصالات في نقابة الفنادق الأميركية، أنه وفقاً لدراسة أُجريت مؤخراً تبيَّن أن هناك وعياً بيئياً ملحوظاً لدى نزلاء الفنادق مقارنةً بعام 1996، حيث يبدي عدد كبير من نزلاء الفنادق الفخمة حالياً استعداداً كبيراً لتبني عادات وتوجهات صديقة للبيئة، في حين لم يكن ممكناً إقناع هؤلاء النزلاء في الماضي بالتنازل عن أيٍّ من عاداتهم المُضرَّة بالبيئة، كأن يمتنعوا مثلاً عن المطالبة بتبديل المناشف وأغطية الأسرَّة يومياً.

وبالرغم من أن نزل «أولد بانكوك» لا يتكون إلا من ثماني غرف، إلا أن صاحبته نانتيا توليانوند، التي استفادت من السنوات التي أمضتها في الخارج كزوجة لأحد الدبلوماسيين صقلت خلالها مهاراتها في فن الإدارة، وضعت مسألة البيئة في قمة أولوياتها عندما قامت بتحويل منزل العائلة القديم إلى نزل. وخلال عملية الترميم لم يتم قطع أية أشجار، كما تم بناء الأجزاء الثابتة (كالسلالم والأبواب والنوافذ) من الأخشاب المستعملة. والأهم من ذلك كله هو أن كل الكهرباء المستخدمة لأغراض الإنارة وتسخين المياه في الفندق، يتم توليدها من ألواح الطاقة الشمسية الموجودة على السطح. ويستطيع نزلاء الفندق أيضاً اختيار ما إذا كانوا يريدون استخدام المناشف وأغطية الأسرَّة لأكثر من يوم. كما يوجد في كل غرفة أنظمة استشعار تقوم تلقائياً بإطفاء الأنوار والأجهزة الكهربائية وأجهزة الكومبيوتر حالما يغادر النزيل غرفته.

وعندما يغادر النزلاء يُسألون عما إذا كانوا يريدون التبرع بمبلغ دولار واحد فقد لصالح بعض المنظمات الخيرية ومؤسسة حماية الحيوان. وتوجد في كل غرفة أيضاً مجموعة من المقالات التي تتناول موضوع الاحتباس الحراري بهدف توعية النزلاء بهذه الظاهرة. لكن تبني النهج البيئي لا يؤدي إلى إنقاذ البيئة وحسب، بل يؤدي أيضاً إلى توفير المال. فالدافع الرئيسي للعديد من الفنادق التي تتبنى مثل هذه الممارسات هو مادي بحت. وقد اعترف ستيف أنكونا، مدير مشروع أول فندق صديق للبيئة سيتم افتتاحه في مدينة نيويورك العام القادم، أن جانب الربح هو من أهم الجوانب التي شجعته على تبني هذا المشروع.
عن «نيويورك تايمز»