لا ألم بعد اليوم ... وداعاً لأوجاع الرأس


يعاني كثير من الناس من مختلف أنحاء العالم آلاما مزمنة لم تفلح معها أي وسيلة أو طريقة علاج، على الرغم من تعدُّد وتنوّع الأدوية من مسكنات ومهدئات لم تنفع في إسكات آلام العديد من الأفراد الذين لم يتركوا وسيلة إلا استخدموها من أجل التخلص من أوجاعهم التي تصل في بعض الأحيان إلى حد لا يمكن تحمُّله.

ويُعد الصداع أحد أبرز الأمراض المزمنة التي يعاني منها كثير من الأشخاص، وقد بات الأمل كبيراً بقول هؤلاء: وداعاً لآلام وأوجاع الرأس بكافة أنواعه، بعد توافر علاجات له من خلال عيادات متخصصة، وأبرز تلك العلاجات الحقن للأعصاب في منطقة خلف الرأس، والعلاج بالبوتكس، والحقن في منطقة فوق الجافية، لعلاج الصداع الناتج عن مفاصل الرقبة.
إضافة إلى ذلك، فقد أثبتت دلائل حديثة جداً فعالية التحفيز في علاج آلام الصداع التي لا تستجيب لأي علاج آخر، خصوصاً علاج الشقيقة، والصداع الناشئ من خلف منطقة الرأس والرقبة.
هذا ما كشفت عنه أول متخصصة في علاج الآلام، الاستشارية د.أسمهان الملا، لـ«أوان»، عبر حوار تناولت فيه التفاصيل.

{ ما نسبة الإصابة بالآلام المزمنة في الكويت؟
- الآلام المزمنة مشكلة يعاني منها كثيرون، وتصل النسبة في مختلف العالم إلى 15 و20 في المئة، ويعاني البعض من آلام الظهر المزمنة، ويقترب عدد الأشخاص الذين يذهبون إلى الطبيب سنوياً لمعاناتهم من هذه الآلام 3.2 ملايين شخص، والإحصاءات المتوافرة في الكويت تماثل نسبة الإصابة العالمية، وتشكل آلام أسفل الظهر 47 ٪ من الحالات التي تتردد على عيادات الآلام، مع العلم بأن هذه العيادات لا تقتصر على علاج المرضى الذين يعانون من آلام أسفل الظهر والرقبة والمفاصل.
{ إذن ما الحالات المرضية الأخرى التي تتردد على هذا النوع من العيادات؟
- هناك كثير من الحالات التي تراجع عيادات الآلام، كالآلام الناتجة عن هشاشة العظام والعضلات ومرض الفيبروميالجيا، آلام الأطراف المصاحبة لمرضى السكر وأمراض الشرايين والأوعية الدموية، الآلام الناتجة بعد العمليات الجراحية والجروح المزمنة، آلام الوجه والعصب الخامس والسابع، والناتجة عن الحزام الناري، أو عن الأورام والعلاج الكيماوي والعلاج الإشعاعي، والآلام بعد الجلطات الدماغية والمصاحبة لمرضى تصلب العصب المتعدد «المنتشر»، ومرض الرعاش، وكذلك الناتجة عن الصداع المزمن بأنواعه.
الصداع
{ يعاني كثير من الأشخاص من الصداع، ما الطرق المتبعة في العيادة للعلاج؟
- يعتمد علاج الصداع على نوعية ومصدر الألم، ويجب التأكد في البداية من عدم وجود أمراض عضوية خطيرة كأورام الرأس، ثم معرفة نوع الصداع ومصدره، والعلاجات تشمل: العلاجات الدوائية كالمسكنات والأدوية، وكذلك العلاجات التي تساعد على النوم، العلاج بالحقن للأعصاب في منطقة خلف الرأس والعلاج بالبوتكس، والحقن في منطقة فوق الجافية لعلاج الصداع الناتج عن مفاصل الرقبة، العلاج التداخلي بالتردد الحراري كحالات الصداع الناتج عن العصب الخامس والصداع المصاحب لآلام الرقبة، العلاج بتحفيز العصب، وتعتبر هذه الطريقة قفزة في علاج الآلام، وهناك دلائل حديثة جداً أثبتت فعالية التحفيز في علاج آلام الصداع التي لا تستجيب لأي علاج آخر، خصوصاً علاج الشقيقة والصداع الناشئ من خلف منطقة الرأس والرقبة، وتم بنجاح زراعة جهاز التحفيز لمريضة كويتية أمكنها من الاستغناء عن جميع أدوية الصداع، والعودة إلى ممارسة حياتها الطبيعية بعد سنوات من المعاناة.
{ولكن ألا يستطيع الأطباء المعالجون -كلٌّ في تخصصه- علاج آلام مرضاهم؟
- يستطيعون ذلك، لكن عندما لا تُجد المسكنات المتاحة لهم وفق تخصصاتهم نفعاً، هنا يأتي دور عيادة الآلام.
{ هل تعنين أن الطبيب المختص لا يستطيع وصف جميع أنواع المسكنات المتاحة؟
- نعم، فالأطباء في جميع التخصصات الأخرى لا يستطيعون وصف إلا بعض أنواع محدودة من المسكنات المألوفة، أما الطبيب المتخصص في علاج الآلام، فتتوافر بين يديه أنواع خاصة ومختلفة من المسكنات والعقاقير غير مصرح لغيره بوصفها أو استخدامها.
الألم.. فوائده ومضاره
{ ما معنى مقولة بعضهم إن الألم مفيد في بعض الأحيان؟
- في بعض الأحيان يكون مفيداً، حيث ينبهنا إلى وجود بعض المشاكل الصحية التي سببته، فهو بكل المعاناة المصاحبة له يساعد الإنسان على الحفاظ على صحته وحياته، ويجب أن ننتبه إلى أنه ليس كل أنواع الألم مفيدة.
{ هذا يعني أن للألم أنواعا؟
- نعم، فهناك الآلام الحادة والآلام المزمنة، ولكل منهما أسبابه وطرق علاجه.
{ ما الفرق بين نوعي الآلام؟
- الآلام الحادة تحدث بسبب وجود مشكلة صحية في أحد أعضاء الجسم، وبعد عملية جراحية أو حادث ما، وتكون واضحة، بحيث يستطيع المريض وصفها وتقدير حدتها، وتحديد مكانها، وهي عادة ما تتحسن بالتدرج مع علاج المشكلة الصحية التي تسببها، ومع تناول العلاج والمسكنات، وهي من نوع الآلام المفيدة التي تنبهنا إلى وجود المشكلة فنعالجها، أما الآلام الضارة، فهي المزمنة، وتستمر فترات طويلة تصل في بعض الأحيان لمدى الحياة، وحتى بعد علاج المشكلة العضوية أو التئام الجرح المسبب لها، فهي آلام لا فائدة منها.
بل إنها تضر بكثير من جوانب حياة المريض النفسية والاجتماعية، إضافة إلى أنها عادة ما تكون غير واضحة، ويصفها على أنها تحدث له على هيئة «نغز» أو شك أو شعور بالحرارة أو الحرق.
{وهل الآلام الحادة لا بد أن تكون علامة على وجود مشكلة صحية خطيرة؟
- الآلام الحادة بشكل عام تدل على أن هناك شيئاً ما غير طبيعي، لكن ما ينذر بوجود مشكلة صحية خطيرة هو اشتداد الألم واستمراره، إضافة إلى ظهور بعض الأعراض الأخرى بمصاحبته، مثل الدوار والضعف العام، وغيرها من الأعراض غير الطبيعية التي تستدعي التدخل الطبي بلا تأجيل أو تردد.
{ ما المشاكل الصحية التي تسبب أقوى وأشد أنواع الألم؟
- حالات السرطان في مراحله المتقدمة، وحالات العصب الخامس في الوجه والحزام الناري.
{ وما المشاكل الصحية التي تسبب آلاماً مزمنة؟
- إنها كثيرة جداً، ومنها آلام أسفل الظهر والرقبة، نتيجة الإصابة بالانزلاق الغضروفي، أو خشونة في مفاصل الظهر، أو ضيق في قناة النخاع.
آلية العلاج
{ ما أنواع العلاجات المتبعة في علاج الآلام المزمنة المتوافرة في الكويت؟
- هناك العلاج الدوائي: وهو عبارة عن العقاقير المعروفة كالمسكنات (البروفين والمورفينات وغيرها)، وغير المعروفة كالأدوية التي تتحكم في الذبذبات العصبية التي ترسل الإشارات المسؤولة عن الآلام؛ مثل أدوية الصرع، والأدوية التي تتحكم في كيميائية العصب مثل أدوية الإحباط.
وهذه الأدوية أثبتت فعاليتها من خلال الأبحاث والدراسات لعلاج الآلام المزمنة الناتجة عن تلف أو تغييرات بالجهاز العصبي (النخاع الشوكي والمخ)، مثل آلام أسفل الظهر، آلام الرقبة، الحزام الناري وآلام الوجه وغيرها.
وهناك نوع آخر من العلاجات، يسمى العلاجات التداخلية، ويكون عن طريق الحقن التي تعمل على إغلاق العصب الناقل لرسائل الألم، عن طريق حقن مخدر موضعي طويل الأمد بالقرب من مكان الألم أو مصدر الألم، مثل حقن فوق الجافية لآلام الظهر والرقبة أو مفاصل الفقرات لعلاج التهاب مفاصل العمود الفقري، أو غشاء العصب لعلاج آلام العصب الناتجة عن التهاب أو ضغط العصب.
ويمكن لمرضى الأورام الحميدة والسرطانات الاستفادة من تدمير ممرات نقل الآلام..

No comments

Powered by Blogger.