جبيل اللبنانية تعود إلى الحياة

مواضيع مفضلة

الخميس، 6 فبراير 2020

جبيل اللبنانية تعود إلى الحياة

تعود مدينة جبيل (بيبلوس) اللبنانية، التي كانت درّة لبنان على البحر المتوسط، إلى الواجهة من جديد بعدما كانت الحرب الأهلية في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي قد أفقدتها بريقها وجاذبيتها مثل كثير من المدن اللبنانية على خارطة السياحة. أما الآن، وقد استعاد لبنان كثيرا من استقراره، وتزايد النشاط السياحي في الأشهر الأولى من العام 2009 بمقدار النصف مقارنة مع الفترة ذاتها من 2008، فتشهد بيبلوس عملية إعادة ولادة من جديد.
فقد شهدت السنة الماضية افتتاح عدد من المطاعم والمنشآت السياحية، في حين يستمر العمل في بناء عدد آخر من المنتجعات والمنشآت الجديدة التي تعكس توجها جديدا لدى الأجيال الجديدة في للبنان، كما يقول شادي قدوم الذي يملك مطعما يقدم المنتجات الطازجة من المزارع مباشرة: «جيلنا اعتاد السفر خارج بيبلوس، لكن الجيل الجديد يصر على البقاء والعمل هنا. وفي السنة المقبلة ستكون أعدادنا أكثر».
إذا كانت بيروت هي باريس الشرق الأوسط، كما يردد الناس، فإن بيبلوس هي مدينة «كان». إنها ميناء قديم تحفّ به الآثار الرومانية من كل الجهات، إضافة إلى الشواطئ الرملية البيضاء وأشجار الأرز التي تعلو جبالها. والمدينة مشهورة بمطاعم السمك التي تقدمه ظازجا لزوار يقصدون المدينة من مختلف أنحاء العالم. وقد عرف عن هذه المدينة استضافتها لليخوت الفاخرة التي تقام عليها الحفلات الليلية، كما كان يفعل كل من مارلون براندو وفرانك سيناترا قبل الحرب.
إن عودة النشاط إلى الحياة الليلية في جبيل يضيف بعدا سياحيا آخر إلى هذه المدينة التي تفخر بتاريخ يمتد إلى 7000 سنة، خلّف لها كنوزا لا حدود لها من الآثار. فعلى مدى سنوات طويلة، كانت هذه المدينة قادرة على جذب السياح لرؤية آثار تنتمي إلى عصور تاريخية مختلفة، مثل القلعة التي تعود إلى فترة الحروب الصليبية، والأسوار الفينيقية والمعابد التي تعود إلى العصر البرونزي. وفوق هذا تفخر جبيل بكونها واحدة من أقدم المدن المسكونة في العالم، إذ يعود تاريخها إلى سنة 5000 قبل الميلاد، إضافة إلى كونها مكان ولادة الأحرف الهجائية(وكلمة بيبلوس بالإغريقية تعني papyrus أي ورق البردي).
متاهات لا نهائية
كانت بيبلوس ذات يوم الميناء الذي تقصده القوارب المصرية التي تحمل خشب الأرز اللبناني إلى مصر. ومع أن معظم القطع الأثرية الخاصة بهذه المدينة موجودة في متحف بيروت، يستطيع السياح قضاء أوقات طويلة بالتجول في المتاهات اللا نهائية من آثارها التي تشكل أقدم النماذج العالمية على التخطيط العمراني المتطور، حيث تبدو الحجارة وكأنها تريد أن تتحدث عما حصل في هذا المكان قبل آلاف السنوات.
يحيط بقلعة بيبلوس شوارع معبدة بالحصى، وبيوت مبنية بالحجارة يغلب عليها اللون البرتقالي، وتحيط بها الحدائق الجميلة المليئة بأشجار الدفلى. وبالقرب منها يشاهد الزوار الكنيسة إلى جانب المسجد. وفي النهار، تصبح سوق بيبلوس المكونة من المحلات الصغيرة ومحلات البوتيك المكان الذي يجذب إليه السائحين بحثا عما يريدون شراءه، حيث تختلط الأصوات من لغات عدة في مكان واحد يتميز بالبساطة والجمال الذي يتعمد أبناء البلدة المحافظة عليه، كما يقول بيير طنوس الذي يملك مطعما في البلدة «نريد أن يكون كل شيء هنا بسيطا ورخيصا».
لكن ما يقوله طنوس قد لا يقنع أولئك الذين يقيمون منشآتهم الجديدة على الشاطئ الجنوبي لبلدة بيبلوس، حيث يستمر العمل على بناء عدد من المنتجعات والمباني الفاخرة التي ينتظر افتتاحها الصيف المقبل لتضاف إلى فندقين فاخرين تم افتتاحهما العام 2009.
ويعتقد عدد من اللبنانيين أن أهم ما يمكن أن يساهم في لفت الانتباه إلى جبيل والتسريع في تنميتها، أن الرئيس اللبناني الحالي ميشيل سليمان من أبناء المنطقة. فهو من قرية عمشيت الملاصقة لجبيل.
من مختلف أنحاء العالم يأتي السياح إلى جبيل التي يفضلونها على مدينة مثل بيروت لما توفره من حرية وبساطة، حيث تقدم المطاعم وجباتها وحفلاتها في الهواء الطلق. وهذا ما يساعد في التغلب على مشكلة انقطاع الكهرباء بين حين وآخر. كما أنه ساهم في عودة الازدهار إليها، كما يقول مالك أحد المطاعم هناك، مشيرا إلى أن العمل تضاعف ثلاث مرات مقارنة بالسنة الماضية، وأن المدينة تغيّرت بشكل سريع لتبدو وكأنها عادت إلى ما كانت عليه في سبعينيات القرن الماضي، أي قبل بداية الحرب الأهلية.

إرسال تعليق

المشاركة على واتساب متوفرة فقط في الهواتف