«أوسكار» للعرب.. يترجم عجز السينما الهوليوودية

الأبطال الأربعة لفيلم «خزانة الألم»، لكاترين بيغلو، الذي فاز بجائزة الأوسكار 2010، لم يمت سوى واحدٍ منهم، انفجر فيه لغمٌ في أوَّل الفيلم، وفي موته يُفترض أن تنتهي معاناة باقي الشخصيات، أو أن تنتهي قضيَّتهم، فقد يُلاقون نفس المصير ذات يوم.

كاترين بيغلو تركت المعاناة مستمرَّة دون تصعيدها؛ تكرار/تكرير، ودون خسارة. مع أنَّ الفن السينمائي، وفي فيلم فيه شيءٌ من تراجيديا يومية يعيشها الشعب العراقي مع القوات الأميركية، يفترض، وحتى يُظهر عظمة التراجيديا التي يصوِّرها أن يقتل الرائع حسب نظرية أو رؤية المخرجة، سواء اتفقنا معها أو اختلفنا.

في رأي سبق الإعلان عن فوز فيلم «خزانة الألم» بجائزة الأوسكار كأحسن فيلم وأحسن إخراج، قال المخرج والناقد السينمائي الفرنسي «ماثيو توفرو»: يُترجم فيلم «خزانة الألم» عجز السينما الهوليوودية عن تصوّر العرب أو المسلمين إلا في هيئة الكائنات الساذجة، أو التي تهدّد الآخر؛ اقتحام الجندي الأميركي للصحراء، مدفوعاً بإيمانه بصوابية قضيّته، إنَّما هو دليلٌ تراجيدي على تعثّر هذه الصناعة أمام سؤال التنوّع الحضاري في العالم، في وقت تطرح فيه نفسها أداةً ترفيهية للإنسانية برمتها.

كاترين بيغلو لها رأيٌ آخر، فعندما سُئِلت عن الفيلم، وعمَّا إذا كانت توافق على اعتباره فيلماً عن حرب العراق، قالت: أجل إذا شئتم؛ لكنَّني في الأساس شئته فيلماً مناهضاً لكلِّ حربٍ بوصفها مكاناً للقتل، سواء أكان ذلك في المعارك أم خارج المعارك.. ثمّ عن الإنسان مُحاطاً بالخطر الشديد.

على كلٍّ، كاترين بيغلو هي أوَّل امرأة تفوز في تاريخ جوائز الأكاديمية (الأوسكار) التي انطلقت العام 1929 بجائزتي أفضل إخراج وأفضل فيلم، إلى جانب أربع جوائز أخرى لأفضل مونتاج صوت، وأفضل ميكساج صوت، وأفضل توليف، وأفضل سيناريو أصلي. كما أنَّها كانت قد فازت في الأسابيع الأخيرة بجائزة «غولدن غلوب» لأفضل فيلم درامي، وبجائزة «البافتا» الإنجليزية لأفضل إخراج. وكاترين بيغلو (1951) كانت قبل أن تتَّجه إلى السينما تريد أن تصبح رسَّامة أو كاتبة، لكنَّها فجأةً إذا بها تقع في أحضان السينما، بعد أن كانت تتلمذت على يدي (سوزان سونتاغ) في ما يطاول نظرية الفن والصورة. وفي العام 1978 تقوم بتحقيق فيلمٍ قصيرٍ عنوانه «الترتيب»، وبعد ذلك بأربع سنوات إذا بها تقوم بتحقيق فيلم روائي طويل «اللامحبوب» 1982 أتبعته بسبعة أفلام: قرب العتمة 1987، بلوستيل 1989، بوينت بريك 1991، أيام غريبة 1995، ثقل الماء 2000، ك - 19، صانعة الأرامل 2002، خزانة الألم 2009.

وجائزة الأوسكار التي تُمنح للمرَّة الأولى إلى امرأة (كاترين بيغلو)، كان سبق أن رُشِّحت ثلاث نساء لها هنَّ: الإيطالية من أصل سويسري «لينا فيرتموللر» العام 1976 عن فيلمها Seven Beauties، والنيوزيلندية «جاين كامبيون» العام 1993 عن فيلمها The Piano، ومن ثمَّ الأميركية «صوفيا كوبولا» العام 2003 عن فيلمها Lost In Translation.

خوفٌ مستمرٌّ من الموت، خوفٌ مستمرٌّ من الحياة، هكذا أبطال الفيلم؛ لكنَّه بالتأكيد خوفٌ من المستقبل الذي لا أحد يعرف ماذا يخبئ للعراقيين، ففي مشهد هو الأخير؛ نرى رجلاً عراقياً في الأربعين من عمره، وقد تزنَّر بالمتفجرات، يتقدّم من أحد أبطال الفيلم، ويطلب منه مساعدته للتخلُّص منها، لكنّ البطل يفشل في مساعدته لينفجر الرجل بالألغام التي يتزنَّر بها، وهو يردِّد: أشهد أن لا إله إلا ... ويتحوّل بغمضة عين إلى أشلاء.. العراق أشلاء!!

No comments

Powered by Blogger.