«YouTube» و «BlogSpot»... في خدمة التراث الكويتي

منى كريم
يعتبر كل من «بلوغ سبوت» و«يوتيوب» موقعين مهمين على شبكة الإنترنت، بل والأكثر مشاهدة وإقبالاً على الإطلاق، لتصبح محاولات تخيل كل المقاطع المرئية والمسموعة متاحة بمجرد أن تكونت فكرة اليوتيوب والذي يمثل قاعدة بيانية واسعة تسمح للجميع بمشاركة الآخرين بما يملكه من مقاطع مصورة أو حتى مسموعة. وفي الجهة الأخرى يقوم موقع بلوغ سبوت بشكل رئيسي وغيره من مواقع للتدوين بحضن مجموعة كبيرة من المدونين لتكون الكويت من الدول الأولى في كثرة عدد مدونيها قياساً بمساحتها الصغيرة، دون أن يكون توجه مدونيها مصبوغاً بلون واحدٍ كما هو حال المدونات العراقية والمصرية التي كرست ذاتها لقراءة الأوضاع السياسية أو لربما الكتابة الساخرة بشكل أوسع.

وقد يبدو التدوين الكويتي مشهوراً بانتقاداته لأوضاع البلد ومحاولاته لطرح رؤية جديدة والتمحيص عن حقيقة غائبة عن الشارع والإعلام في آن واحد، إلا أن ذلك لم يمنع الكثير من مستخدمي البلوغ سبوت من الاستقلال عن هذا التوجه واستخدام المساحة التدوينية لما يجدون فيه المتعة والاستفادة.

بعض هذه المدونات فردت مساحات للأحاديث الشخصية وأخرى كانت تحاول أن تقتل الوقت، أما البعض الآخر فأخذت قالباً بسيطاً مُكرساً للفنون والآداب الإنسانية. مجموعة جيدة من المدونين حاولوا أن يبحثوا عما يفقدوه في دفاتر الماضي الكويتي، ليستخدموا الإنترنت لاستعراض الأغاني الكويتية القديمة والصور والفيديوهات والمقابلات التلفزيونية وقصاصات الجرائد وغيرها من مواد تمثل بالنسبة لهم الفترة الذهبية من تاريخ الكويت.

أما في «يوتيوب»، فأصبح من الممكن جداً تحقيق أمنيات من كان يتحسر على الأوبريتات الغنائية القديمة والأغاني المصورة ونوادر الغناء الكويتي من جلسات وحفلات وتسجيلات، وصولاً إلى الأغاني الثمانينية التي لم يعد من الممكن أن تشاهدها على شاشة التلفزيون.

جنود المقارنات والتذكر

من الأسماء التي ركزت على الصحافة الكويتية وأرشيف التلفزيون الكويتي هما المدونان «نيو» و«كله مطقوق» لنجد أن نيو في مدونته «أم صدة» يفرد مساحة أسبوعية لأغنية من أرشيف التلفزيون الكويتي في دعوة وجهها للمدونين للتوثيق لكل ما يمتلكونه من مقتنيات قديمة نسبياً، ليشاركه «كله مطقوق» في مدونته «طاخ طيخ» بمسح الكثير من قصاصات الصحافة الكويتية من بدايات الثمانينات ودخولاً بالتسعينات مثل الإعلانات والمواضيع الرئيسية والصور محاولاً أن يقيم مقارنات ما بين طريقة التعامل مع القضايا الكبرى في السابق والحاضر.

أما q8i stuff «أشياء كويتية» أو «سوالف كويتية» يصف مدونته قائلاً «يعتمد هذا الموقع على الصور ومقاطع الفيديو ولن يتم استخدام الكتابة إلا بالحدود الدنيا» لنجد مدونة مليئة بالصور القديمة وأغلفة الكتب الخاصة بتاريخ الكويت، تجيء برد فعل الشارع والإعلامي الكويتيين على أي قضية قديمة جديدة مثارة في الساحة في الوقت الحاضر مثل حادثة الجابرية. كما يفرد صفحات للمؤسسات الكويتية خاصة أو حكومية بالنسبة لما تنم تناقله عن تأسيسها آنذاك. ويبدو أن «سوالف كويتية» مولع بفترة الستينات والسبعينات ليضع صور الشخصيات الشهيرة في تلك الفترة ويحاول نقل مادة مكتوبة -إن توافرت– تقوم بتعريفهم. والجميل في هذه المدونة أنها حين تسلط الضوء على حدث ما تحاول أن تنقل ما كان يحصل من حوله على مستويات أخرى، فيقدمها من ناحية الإعلام والسلطة والشارع. وتبدو هذه المدونة أكثر تخصصاً في التوثيق للإرث الكويتي ولربما أكثر استيعاباً لما يمكن للشبكة الإلكترونية أن تقدم باستخدام أدوات متنوعة.

YouTube: «صوت كويت أخرى»!

بالنسبة لموقع اليوتيوب والقائم على فكرة إتاحة الفرصة لأي أحد ليقوم بإنشاء قناته الخاصة، نجد هنالك زخما كبيرا من المواد الخاصة بالكويت متوفرة. فبالإضافة لتوافر الأغاني الكويتية الحديثة أو حلقات البرامج التلفزيونية والمقاطع المصورة الشخصية الغريبة أو الطريفة، هنالك قنوات تعمل على نقل ما يمكن الحصول عليه من أرشيف التلفزيون الكويتي أو نقل بعض التسجيلات الصوتية أو وضع مجموعة من الصور النادرة المتحركة برفقة خلفية موسيقية.

من أبرز الفيديوهات على اليوتيوب هي المنقولة عن موقع زرياب الموسيقي والذي أسسه مجموعة من الكويتيين، لتشعر فجأة بأنك في محل تسجيلات في السالمية القديمة وأبواب الموسيقى مفتوحة أمامك لتنتقي بين السامري والأصوات والمواويل والجلسات الخاصة التي أقامتها شخصيات مهمة.

العشوائية تحكم

في مقابل كل هذه المحاولات للحفظ على إرث جميل يمثل حلماً مفقوداً وهوية يجب التمسك بها والإنطلاق منها، يبقى أصحاب هذه المحاولات أشباح مجهولة لم ولن يحصلوا على ضمانات بأن يتم الحفاظ والاستمرار فيما بدؤوه، فكما هي الشبكة الإلكترونية كريمة مضيافة من الممكن جداً أن تكون هشة غير قابلة للصمود في ظروف معينة، بالإضافة إلى أنها لا تستطيع أن تصل لمن لا يعرفون لغتها، ليبقى الكثيرون رهائن لذكرياتهم وأمنياتهم أو حتى جهلهم. وكالعادة، ذهبت كل المشاريع التي رغبت بأن تجمع كل هذه المواد في مكتبة واحدة متطورة ومفتوحة للجميع، في مهب الريح، محصورين في أزمة «يصير خير باجر»!