المسلسلات التركية: قيامة عثمان وبنت السفير وزمهير وزهرة الثالوث... لماذا حققت الشهرة؟

المسلسلات التركية المدبلجة تحظي بمشاهدة كبيرة من الجماهير العربية، مثل مسلسل قيامة عثمان ارطغرول، وبنت السفير وزهرة الثالوث، وزمهير (زمهاير)، وانتشرت في الاونة الاخيرة هذه المسلسلات التي يبث البعض منها بشكل اسبوعي، وتجلس العائلة لمدتين ساعتين لمشاهدة حلقات هذه المسلسلات بشكل كامل الآن.

منذ أكثر من ستّة أشهر وفي الساعة العاشرة من مساء كل يوم تتوقّف حركة السير وتخلو الشوارع من المارّة وتبدو أحياء بلداتنا العربية شبه خاوية لمتابعة المسلسلات التركية.

ومسلسل قيامة عثمان هو مسلسل تركي درامي تاريخي انتجته مؤسسة بوزداغ، اما الإخراج فهو للمخرج المبدع متين جوناي.


المسلسل من بطولة بوراك أوزحيفيت بدور الغازي عثمان أبن أرطغرول، كما تشارك في بطولة مسلسل قيامة عثمان الممثلة عائشة جول جوناي، وراغب سافاش، ونور الدين سونمار.

وتتمركز العائلة من صغيرها ابن السنوات الخمس حتى كبيرها المسنّْ، كلٌّ على مقعده مُتَسْمِرٌ مقابل جهاز التلفاز في انتظار بدء مسلسل نور، وتسمع همسات الاستعداد للتركيز العميق منها: هُسّْسسسس و خَلصْ خَلينا نِسمع.
إقرأ ايضا من موقعنا: 

أغاني التتر.. تلّون درامي وترجمة موسيقية للمسلسل

تنحبس الأنفاس وتُخْرَسْ الألسن، ويُسمَعْ التأفأف الغاضب عند مقاطعة الإعلانات التجارية خلال بثّْ أحداثْ المسلسل، وعندما تنطلق موسيقى نهاية الحلقَة تعلوا الأصوات: أفْ فْ فْ...إسّا بَدّْنا نِسْتنى للاسبوع القادم، ذلك هناك الكثيرون لا يستطيعون الانتظار فيشاهدون المسلسل من خلال مواقع الإنترنيت، أو يشاهدون حلقات الإعادة المرّة تلو الأخرى.

شاهد أيضا كيف يخدعونك في الأفلام السينمائية



وهناك أيضاَ من يشاهد على الإنترنيت أحداث المسلسل الكاملة بدون مقصّْ الرقيب للمحطّة التلفزيونية العربية والذي يحذف  المَشاهد التي يعتقد أنها إباحيّة.

وقد أصبح هذا المسلسل وأخيه التوأم العشق القاخر وكذلك ابن السفيرة وزهرة الثالوث، ومسلسل زمهير- زمهاير بكامل حلقاته كاملة، واصبحت هذه المسلسلات ظاهرة تستحق الملاحظة والدراسة.

ولا يخفى على أحد أن الناس، في موقفها من هذه الظاهرة، منقسمة إلى فريقين، فهناك من يعارض وينتقد المسلسلين بشدّة وفريق آخر يناصرهما ويدافع عنهما.  

حول الموقف من مسلسل قيامة عثمان وزمهير وغيرهما من المسلسلات استطلعلنا - آراء عدد من المواطنين من مختلف الفئات العمرية وكذلك رأي المهنيين واعددنا التقرير التالي.

ليندا بيومي 14 عاما تقول: ما يشدّني لمشاهدة مسلسل قيامة عثمان، (ارطغرول) هو شخصياته الجذّابَة

التقينا مع الفتاة بيومي التي قالت: ما يشدّني لمشاهدة المسلسل هو شخصياته الجذّابَة، وأكثرهم بطلا المسلسل. وأشاهد أيضاً مسلسل (زمهير أو زمهاير). لا أستطيع عدم رؤية مسلسل قيامة عثمان، وحتى في أيام الامتحانات كنت أدرس بوتيرة مضاعفة حتى أتمكّن من مشاهدته. عندما ألتقي مع صديقاتي معظم حديثنا يكون عن المسلسل وخاصة (مسلسل قيامة عثمان)، ومسلسل زمهير بكل حلقات الكاملة.

الشقيقة لنا (خمس سنوات) تحفظ أسماء أبطال المسلسل جميعهم عن ظهر قلب، وقالت لنا انها كانت تشاهد المسلسل حتى الحادية عشر كل ليلة، وتذهب في الصباح إلى المدرسة!!.

وتكمل في مسلسل قيامة عثمان المرأة بالاحترام والحرية والحب والمساواة.. تشعر أنها عصاميّة ولها كيان واستقلالية

وقالت: أعتقد أن الأبناء إذا شاهدوا المسلسل سوية مع أهلهم، مع بعض التوجيه، فإن ذلك ممكن أن يساعد في التربية الصحيحة، خاصة في تفسير صحيح للمشاهد الغريبة عن حياتنا اليومية التي نعيشها في بلادنا.

وأضافت: أنا أعتقد أن الإنترنيت إذا استعمل بشكل غير صحيح أخطر بكثير من مشاهدة مثل هذه المسلسلات، لأن إمكانية الرقابة أثناء استعماله تكاد تكون غير ممكنة، بينما يمكن السيطرة أكثر على مسألة مشاهدة المسلسلات.

-: ما هو سبب انجذاب الناس لمشاهدة زمهير وزهرة الثالوث وبنت السفير بهذا الشكل؟

تقول: أعتقد أن ذلك ناتج عن التعطُّش للرومانسيّة المعدومَة في مجتمعنا، بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فيجدون بالمسلسل منفذاً للترويح عن أنفسهم ولو بالخيال.


ياسمين بركة  (18 عاماً):

تعلّمت من مسلسل قيامة عثمان أن أكون حذرة في تعاملي مع الناس، و قالت: لم أتابع المسلسل منذ بدايته، وهناك برأيي مثالية في اختيار الشخصيات ونوعيتها وانتمائها الطبقي، وهذا ما لا يلائم طبيعة حياتنا العادية في هذه البلاد. ومع ذلك فقد وجدت أيضاً في المسلسل أنه يعالج مشكلة هامّة جداً، وهي كيف يمكن أن نحكم على مصداقية وصدق الناس، وخاصةً المخادعين منهم الذين يظهرون لك بثوب خلقي وإيجابي ويتبين فيما بعد أنهم عكس ذلك تماماً.

-: ماذا تعلمت من المسلسل؟

ياسمين: تعلّمت أن أكون حذرة في تعاملي مع الناس. تعلمت أيضاً أنه قبل أن نحكم على الأمور، علينا أن ننتبه للحجارة الصغيرة قبل الكبيرة في مسألة القضايا والمشاكل التي تواجه مجتمعنا.

الشاب عامر بركة:
مشكلتنا أن هناك نساء في الثلاثينات والأربعينات من العمر يحبّون ابطال المسلسلات لدرجة الجنون. وشهرة المسلسل تتعلق أكثر بانعدام الرومانسية في مجتمعنا فنتأثّر من المسلسل ليس بسبب وسامة البطل وجاذبيته بل بسبب طريقة تعامله برومانسية مع زوجته ومع من حوله، ولهذا نرى إقبالاً واسعاً لعنصر النساء على مشاهدة المسلسل.

-: هل هناك مخاطر من مشاهدة مسلسلت كهذه مثلاً؟

بركة: مشكلتنا أن هناك نساء في الثلاثينات والأربعينات من العمر يحبّون بطل المسلسل إلى درجة العشق أحياناً، ويصل بهنّ الحال إلى مقارنة مهنّد بأزواجِهنّ، وهنا تكمن الخطورة التي تعرِّضْ العلاقة الزوجية إلى المشاكل.

الشاب سمير يونس:

مسلسل ساقط وفارغ ويجب أن يتوقف عن البثّْ

الشاب يونس يقول-: شاهدت عدّة حلقات من هذا المسلسل ووجدت أنه مسلسل ساقط، ورأيي الشخصي: يجب أن يتوقف عن البثّ كلياً، لأنه بمجمله كلام فارغ غير مفيد، ويعلِّم الجيل الصاعد على التفاهة والتربية غير الصالحة التي لا تلائم مجتمعنا. بالمقابل فإن (باب الحارة) هو مسلسل راقٍ له رسالة اجتماعية وسياسية.

الشاب مؤيد مؤمن

الشاب مؤيد مؤمن قال: بدأت أحضر مسلسل قيامة عثمان وخاصة الحلقة العاشرة منه، وتعلّقت به وصرت أشاهد كل الحلقات ولكن للتسلية فقط وليس لأني أجد فيه أمراً مفيداً. بطلة المسلسل قلبها طيِّب أكثر من اللزوم.

دعاء يوسف تتحدث عن مسلسل زهرة الثالوث وتقول إنّه مسلسل رومانسي وجميل، وأقول لك بصراحة أنني أشاهد المسلسل كل يوم فقط لأراه. المسلسل يعالج قضايا اجتماعية تشبه مشاكلنا بالضبط.

دعاء يوسف:

لا أنصح الناس بمشاهدة المسلسل

يوسف قالت: هذه المسلسلات تتحدّث عن مواضيع وأنماط حياة تركية صِرف.. أحداث مسلسل زهرة الثالوث تدور حول الحب المبالَغ به، وغير الواقعي. لذلك لا أنصح الناس بمشاهدته.

هذه المسلسلات أثّرت سلباً على حياتنا الأسرية المتماسكة

الشاب سمير لأسمر قال: هذه المسلسلات أثّرت سلباً على حياتنا الأسرية المتماسكة، ففي السهرات اليومية يجلس الأخ إلى جانب أخيه وكأنهما ليسا معاً ولا يعرفان بعضهما البعض، وترى أعينهما مشدودتين نحو التلفاز. لهذا أنا لا أقتني تلفازاً في بيتي. هذه المسلسلات تتحدث عن حياة شعوب أخرى لا تناسب حياتنا هنا.

-:بماذا تشغل نفسك إذاً؟

مؤمن: أقرأ الصحف، واطّلع على ما يهمني في الإنترنيت فقط.

مؤمن جميل:

أحضر المسلسل فقط للتسلية

شام محمودد قالت: أشاهد المسلسل فقط للتسلية، فمضامينه لا تفيد بشيء، ولا تعالج أيّة قضية اجتماعية، مثله كمثل الأفلام العربية.

المسلسل يسيء إلى العلاقات بين الأزواج

سلوى مراد، قالت: المسلسل لا يفيد بشيء بل يسيء إلى العلاقات بين الأزواج، فكل امرأة الآن تريد أن تتمثَّل بالبطلة، وتريد من زوجها أن يعاملها بالضبط كما يعامل بطل المسلسل زوجته.

مسلسل (بولشيت)

جوني بشير 72 عاماً قال عن مسلسل قيامة عثمان: هذا المسلسل (بولشيت) تافه ولا يفيد المجتمع بشيء، ومع ذلك أنا إنسان حضاري لا أمانع من أن تشاهده عائلتي.

الابنة مروة 17 عاماً: مسلسل حلو، وقصته حلوة. البطلة نور إنسانيّة، ومهند شاب وسيم. أنا أشاهد المسلسل فقط لتمضية الوقت ولا اعتقد أن شيئاً منه ممكن أن يؤثر سلباً على شخصيتي.

مثلي مثل الناس

تقول الفتاة مروة جميل: لاحظت أن كل الناس تشاهد المسلسل فقرَّرت أن أشاهده


شاهد أيضا: اشياء يحبها الرجل في جسم المرأة ويرفض الاعتراف فيها... تعرف عليها



مروة جميل قالت: عندما لاحظت أن كل الناس تشاهد المسلسل قررت أن أشاهده، وفعلاً وجدت أنه يعالج قضايا اجتماعية واقعية لكل شرائح المجتمع. 


الإخصّائي النفسي شاكر ابو فؤاد:

هذه المسلسلات تشبه أحلام اليقظة عن طريقها يتم إشباع رغبات الجمهور المكبوتة

ولتفسير هذه الظاهرة من الناحية النفسية التقينا مع الأخصّائي النفسي عدنان أبو الهيجاء من كوكب أبو الهيجاء وسألناه:


-: كيف تفسّر الانجراف غير المحدود للجمهور في مشاهدة مسلسلات مثل قيامة عثمان وزهرة الثالوث وبنت السفير وغيرها من المسلسلات التركية؟

برأيي أن هذه المسلسلات تشبه أحلام اليقظة، عن طريقها يتم إشباع رغبات الجمهور الذي يعاني من عدم إشباع رغباته.

مجتمعنا لا يعير اعتباراً كافياً للفرد، ويمنع الفرد من التعبير عن أحاسيسه، مجتمع كابت للأحاسيس.. أنظر مثلاً كيف نربّي أبناءنا عندما نأمره ونقول له: لا تبكي صرت كبير..أو: مِشْ عيب عليك تغار من أخوك؟ وما إلى ذلك..

لذلك عندما يشاهد الفرد منّا هذا المسلسلات يرى فيه مجالاً للتعبير عن أحساسه بالحب والاكتئاب والحزن، يتفاعلون معه ويؤثِّر على سلوكهم في حياتهم الخاصة.

في المسلسل أيضاً هناك شخصية الخِتيار صاحب شخصية الإنسان الرزين الواعي الذي يتخِّذ القرارات الحكيمة، القادر على كل شيء، والذي يعطيك الشعور بالأمان... مثل هذه الشخصية غير موجودة في حياتنا، زد إلى ذلك الترابط الأسري الفريد بالمسلسل فهو غير موجود في حياتنا الخاصة أيضاً.

-: وهل هذه الأسباب تنطبق على كافة الشرائح من مشاهدي المسلسل؟

ابو فؤاد: ليس كل الذين يشاهدون المسلسل يشاهدونه من نفس المنطلقات. بطبيعة الحال إن كل فرد في المجتمع يجب أن يكون تابعاً لمجموعة من الناس، أو أن يعيش ضمن مجموعة معيّنة.. مثلاً من أجل ألآّ تكون المرأة التي لا تشاهد المسلسل معزولَة عن الآخرين، فهي تواجه ضغطاً اجتماعياً معيّناً يضطّرها إلى مشاهدة المسلسل حتى لو كان لا يتناسب مع آرائها ومفاهيمها، وما يدفعها إلى ذلك هو الرغبة بالانتماء إلى المجموعة. فالجاذب في الأمر أنهم يشعرون بانتمائهم إلى المجموعة عن طريق بطلي المسلسل (مهند ونور) وليس من خلال فحوى المسلسل .

-: هل هناك مشكلة في مشاهدة مثل هذه المسلسلات؟

 ألمشكلة أن مشاهدة مسلسل غير تثقيفي بمئات الحلقات، قصّته واضحة من حلقاته الأولى، ذلك يؤدّي إلى هدر الكثير من وقتنا نعيش بأحلام اليقظة طيلة هذه المدّة بالجلوس أمام جهاز التلفاز، إضافة إلى أننا نعيش بتفكيرنا وأحلامنا، ونسأل أنفسنا: لماذا أنا لا أشبه البطل فلان، ولماذا زوجي لا يشبه البطل؟ ونتيجة ذلك نعيش في أوهام والسعادة تقاس بين الواقع الذي نعيشه وبين ما نصبو إليه. على سبيل المثال: أنا عامل بسيط وأصبو لأن أكون مثل ارطغرول، وهنا يبرز الفرق الشاسع بين ما أصبو إليه وبين ما أنا عليه على أرض الواقع، بين الواقع والخيال، مما يؤدّي في الكثير من الحالات إلى الإحباط والكآبة والعدوانيّة.

-: بماذا تنصح أنت؟

 أريد أن أعلّم أبنائي ألاّ يكونوا عبيداً لجهاز التلفاز، وهذا ينطبق أيضاً على الأهل الذين ألغوا كل برامجهم الاجتماعية والعملية وجلسوا عبيداً للمسلسل، وفي هذه الحالة فإن المسلسل ومواعيده طويلة الأمد هي التي فرضت نظام حياتك اليومية وليس العكس، وفي هذه الحالة فقد الأهل مصدر الثقة والسيطرة على أبنائهم. ما أصبو إليه هو أن أنجح في تنظيم وقتي كما أريد وليس كما يمليه عليّْ المسلسل، وأن أنظِّم أوقات النوم والدراسة لأبنائي أيضاً.
مسلسلات مثل ارطغرول وقيامة عثمان وبنت السفير وزهرة الثالوث وزمهير (زمهاير) حققت الشهرة ويمكن مشاهدتها الآن كاملة.... لكن تبقى مسلسلات من وقع خيال كاتبها وعلى الإنسان ان يميز بين الخطأ من الصواب، فليس كل ما يقال حقيقة !

No comments

Powered by Blogger.