مشروع الإنسان المرئي بين أيدي الباحثين

مشروع الإنسان المرئي المعروف باسم (مشروع آدم وحواء) أو «مشروع الجنين المرئي وأيضا البرنامج الرقمي للتشريح، أحدث ما يقوم به الباحثون اليوم في إطار الدراسات العلمية، إذ تدخل كل هذه البرامج علميا فيما يسمى بـ (التمثيل البيومعلوماتي للإنسان)، أي استخدام الكمبيوترات السوبر في تصور أسلوب عمل الجسم البشري، وفي دراسة الأمراض والتقنيات الجراحية ودمج علم المعلومات والثورة التكنولوجية بالثورة الطبية أو البيونية ولهذا سميت بالبيومعلومات اي المعلومات الخاصة بجسم الإنسان وأعضائه.

في أبريل العام 1994 عقد في أوستن بتكساس أول مؤتمر عالمي للطب الحسابي والصحة العامة والبيوتكنولوجيا. وأشار الإعلان التمهيدي الأول إلى ان الآلات الذكية تستخدم ليس فقط كأدوات استكشافية وإنما كأدوات للتشخيص والإنذار. ولقد كان لظهور بيئات حاسبة رفيعة المستوى أن يخلصنا إلى حد كبير من مشكلة زيادة الواقع البيولوجي للنماذج الرياضية. لقد أصبح الواقع البيولوجي العلمي، لأول مرة في تاريخ الطب، في متناول صانع النماذج البيو-طبي.
الإنسان المرئي
تخطو الصورية والنمذجة البيو-طبية ( المعلومات الطبية الافتراضية المعاجلة عبر الكمبيوتر) بخطى سريعة في أيامنا هذه بسرعة تتضاعف كل 18 شهراً كما هو الحال مع سرعة الكمبيوتر.
واليوم تطور معاهد مثل (المعمل القومي للطب )، برامج جديدة لتحويل البيانات إلى صور، برامج تكاد تكون المعادل الفسيولوجي لمشروع الجينوم البشري.
الإنسان المرئي والجنين المرئي والبرنامج الرقمي للتشريح، تمكننا هذه المشاريع من النظر داخل الجسم البشري بشكل أكثر دقة وتفصيلاً مما كان قبل، لنخلق أثناء ذلك سبلا جديدة لممارسة الطب وتدريسه.
قام مشروع الإنسان المرئي (ويسمى أيضاً مشروع آدم وحواء ) بالتقاط آلاف من الصور -مقاطع تشريحية دقيقة من جثتين ( ذكر وأنثى ) ثم حولت هذه إلى بيانات رقمية يمكن استحضارها على شاشة الكمبيوتر وفحصها من زوايا مختلفة وعلى مستويات من التفصيل مختلفة كما لو كان الناظر سوبرمان يرى بأشعة اكس.
مثل هذه النماذج تسمح للطلبة والمدرسين أن يدرسوا أي عضو، وأن يشرحوه ثم يعيدوه ثانية كما كان (وهذا أمر مستحيل مع الجثة). يمكنهم أن يولجوا في الجسم ورماً ثم أن يراقبوه حتى ينمو. ويلاحظوا آثار الأمراض والحوادث داخل الجسم. ثمة تقنيات مشابهة من الصورية والنمذجة تمكن الجراح من رؤية صورة جزء معين من جسم مريض مثلاً حوضه المكسور أو جمجمته ثم تمكنه من تصميم مقاطع من العظم للاستبدال يولدها له الكمبيوتر. ربما كان الجيل الجديد من «الإنسان المرئي» محاكيات شبه حية يولدها كمبيوتر فائق، تجري فيها الدماء، وتنقبض العضلات، وتتحرك العظام والأعضاء.
تشخيصات إلكترونية
هناك نماذج تجريدية مرئية،ثم هناك النمذجة (اي عمل محاكاة افتراضية أو نموذج افتراضي) لدراسة التطور، فالكمبيوتر جهاز لتخليق نماذج تجريدية مرئية، تشخيصات إلكترونية للعالم الواقعي، كائنات كما الأحياء يمكن أن ننظر إليها من زوايا مختلفة، تتصرف وتتحرك، تتغير مع الزمن، تستجيب لما يحدث في بيئتها. ومع تقدم نظرية النمذجة وتكنولوجيتها. سنرى قطعاً رائعة من فن الكمبيوتر وعلمه، مثل الأعجوبة الإلكترونية «تييرا» التي صممها توماس ربي في جامعة ديلاوير الاميركية لتفحص النظرية الدارونية.
وهذا عالم بأسره، عالم كمبيوتر يشبه العالم الحقيقي الذي كان منذ ملايين السنين، تسكنه كائنات رقمية برمجت لتحيا وتتكاثر وتكافح لإنتاج نسخ منها أكثر.
في هذا العالم تنشأ تعقيدات هائلة. تنمو المخلوقات البرمجية ويحدث لها طفرة وراثية)، وتقع في أخطاء تؤدي إلى تغير تطوري.تتكاثر وتتباين. يفقد البعض منها قدرته على التكاثر، ثم يبقى كطفيليات، مثل الفيروس يستعير تعليمات غيره ممن كانوا أكثر نجاحاً في تسلق سلم التطور.
ينشد العلماء أن يصلوا من تييرا إلى نوع من تفهم جديد للغز الحياة الجوهري: كيف تطورت النباتات والحيوانات المعقدة عن كائنات بسيطة حتى ميكروسكوبية، كائنات نشأت من تفاعل المواد الكيماوية في الشواش البدائي الذي كان منذ أربعة بلايين عام؟
ينشد العلم التطبيقي منتجات صيدلانية، بيوكيماويات هدفها الأمراض، مثل تصلب الشرايين المضاعف. وهو يسهم في ثورة طبية تكشفت في سرعة حتى أن معظم الأطباء لا يدركون تماماً ما حدث.

No comments

Powered by Blogger.