الفرق الغنائية في مصر.. تعاني أزمة

الفرق الغنائية في مصر.. تعاني أزمة

فرقة « واما » «كاريزما».. «بلاك تيما».. «تاكسي».. «يوركا».. «سيتي باند».. «كاريوكي»، و«قص ولزق».. «افتكاسات».. «سلالم».. «صحرا».. «جميزة».. «بساطة».. و«أنا مصري». كلها، وغيرها كثير، فرق غنائية جديدة ظهرت على الساحة الفنية المصرية منذ فترة قصيرة، تقدم كل منها نوعاً مختلفاً من الموسيقى والأغنيات. فبعضها يستلهم من الأغنيات التراثية، وأخرى تأخذ من الموسيقى الأجنبية نهجاً لها، والبعض الثالث يحبذ الموسيقى اللاتينية لتكون خلفية لأغنياته.
تحاول تلك الفرق الخروج عن موسيقى الأغنيات التجارية المنتشرة حالياً، وهنا تكمن المعضلة في تحقيق «المعادلة الصعبة» من إيجاد جمهور يستمع لهذه الموسيقى، وفي الوقت نفسه تجد الفرق الغنائية من يوفر لها المكان.. وأيضاً من يدعهما مادياً للاستمرار.
مكان على الساحة
وبرغم تنوّع تلك الفرق التي تحاول إيجاد مكان لها داخل الساحة الغنائية، في محاولة لإيصال فنهم إلى أكبر قاعدة ممكنة من الشباب، الذي يعتبر هو مستمعهم وجمهورهم الأول، فإنه لم ينجح منها سوى ثلاث فرق شبابية فقط.. بدأت بفرقة «واما» منذ أربع سنوات تقريباً، وهي فرقة مكونة من أربعة شباب قدموا معاً مجموعة من الشرائط الناجحة، حتى انفصلوا عن بعضهم.. وقدم كل منهم شريطاً منفصلاً. والفرقة الثاني هي «وسط البلد» التي ظلت تقدم أغنيات متفرقة لأكثر من سبع سنوات، حتى سجّلت أول «شريط كاسيت» لها منذ عامين تقريباً. وثالثة الفرق هي «بلاك تيما» التي قدمت أول فيديو كليب وشريط كاسيت منذ أشهر قليلة.
ولم يسطع اسم فرق غنائية شبابية أخرى سوى تلك الفرق الثلاث، لأنهم استطاعوا إيجاد منتجين روجوا لهم أغانيهم، وأنتجوا لهم شرائط الكاسيت، ما جعلهم معروفين لدى قاعدة أكبر من الجمهور، لتبقى بقية الفرق، برغم تنوعها وكثرتها، لا تجد من يتبناها.. بل ولا تجد سوى أماكن محدودة لعرض فنها، منها «ساقية الصاوي» و«مسرح الجنينة».. وبعض المراكز الثقافية الأجنبية الموجودة في القاهرة.
التمويل.. ومتطلبات السوق
عن مشكلات الفرق الغنائية، يوضح عضو فريق «كاريوكي» محمد عزالدين أن تلك الفرق لم تجد مكاناً حقيقياً لتقديم فنهم سوى «ساقية عبدالمنعم الصاوي». مشيراً إلى أن «الساقية» تقدم عروضاً غنائية كل يوم على مجموعة المسارح الموجودة بداخلها.
ويقول عزالدين إنه برغم وجود بعض الفرق الغنائية على الساحة منذ سنوات، فإنها «لم تجد منتجاً يؤمن بموسيقاهم لينتج لهم شريطاً، من دون أن يتدخل في شكل وكلمات وموسيقى الأغنيات، وهذا ما يخلق الخلافات، لأن المنتجين يهمهم المكسب المادي، وهو ما يجعل حساباته مختلفة عن أعضاء مثل هذه الفرق».
ويتفق عضو فرقة «بساطة» نبيل لحود مع ما قاله عز الدين، مضيفاً أن الفرق الغنائية الشبابية «تقف أمام خيارين، كلاهما أصعب من الآخر.. الأول هو المحافظة على فنهم الذي يقتنعون به ليظلوا على الهامش، أو أن ينساقوا مع متطلبات السوق.. فيقدموا أعمالاً لا يرضون عنها في الغالب».
ويؤكد لحود أن أغلبية الفرق الغنائية الجديدة المنتشرة حالياً «تقدم فنها الخاص بها، ولا تأمل سوى أن تجد من يسمعهم ويحفظ أغنياتهم، ما يجعل بعضهم يقرر الصمود، بينما يخضع آخرون لمتطلبات السوق، وفريق ثالث ينتابه اليأس، فيقرر الابتعاد عن الساحة نهائياً».
أما عضو فرقة «افتكاسات» عمرو صلاح، فيرى أن المشكلة في الجمهور وليس المنتجين، ويقول «إن ذوق الجمهور هو الذي يفرض على المنتجين اختيار مطرب معيّن، أو فرقة معينة عن أخرى». ويوضح صلاح أن الفرق الغنائية الجديدة «بعضها لا يعبّر عن فن غنائي حقيقي، بل مجرد مجموعة شباب يحاولون التعبير عن أنفسهم من خلال الموسيقى.. وهذا لا يعني أنهم موهوبون حقيقيون، أو يستحقون أن تُنتج لهم شرائط كاسيت».
المنسقة الإعلامية لفرقة «بلاك تيما» رنا خلف تشرح أن الفرقة قدمت أول شريط لها «بعد جهد كبير، ومحاولات كثيرة مع منتجين عدة.. حتى نجحنا في ذلك بالفعل في النهاية». لكنها تلفت إلى أن المشكلة «ليست قاصرة على الفرق الغنائية فقط، وإنما لدى المطربين الشباب أيضاً». وتضيف خلف أن المنتجين يبحثون عن «اجتذاب مطرب ناجح لشركاتهم، ولا يكونون على استعداد للمغامرة بفرقة أو مطرب جديد.. إلا ربما بعد قبول التدخلات والملاحظات التي يبدونها على الأغنيات».
ثالوث الحل
ويجمع أعضاء الفرق الغنائية على أن حل تلك المشكلات التي أثاروها، يتمثل في أضلاع «مثلث».. أولها يتمثل في إيجاد «رعاة» أو منتجين يقدمون الدعم المادي، من دون تدخُّل سافر في مضمون الأغنيات. والضلع الثاني هو افتتاح أماكن ومسارح، كساقية الصاوي، تسمح لتلك الفرق الجديدة بتقديم فنها.. وتوفر لها الاحتكاك المباشر مع الجمهور.
أما ثالث أضلاع «ثالوث الحل» فهو الاهتمام الإعلامي الذي من شأنه تعريف المصريين بهذه الفرق وبفنها، وهذا له فائدتان: الأولى هي تغيير ذوق الجمهور من خلال سماعهم أنواعا مختلفة من الموسيقى، وثاني الفوائد هي خلق «قاعدة جماهيرية» من أعمار مختلفة تسمع تلك الفرق، ويكون لكل واحد من الجمهور «فريقه الغنائي» الذي يحبه، ويبحث عن مواعيد حفلاته.. ويشتري شرائطه عندما يتحمس «منتج واعٍ» ويُقدم على إنتاج مثل هذه الشرائط.

No comments

Powered by Blogger.