انتحار الخدم ...من المسؤول؟!
زينب نجم مال الله
بداية التقينا (م ،ن) وهي ربة منزل، ذكرت أنها تسمع كثيرا بحوادث انتحار الخدم، إلا أنها لا تلوم أصحاب المنزل بل تضع اللوم على نفسية الخدم المضطربة، وتابعت أن هذه الظــاهرة بدأت بالانتشارفي المجتمع بصورة كبيرة مما أدى إلى الخوف من استقدام هذه العمالة.
خصوصا وأن هذه الأمر سينعكس بصورة سلبية على أصحاب المنزل نظرا لتواجد فئات عمرية مختلفة.
تشير (ه،و) إلى أن أهم أسباب انتحار الخدم هو عدم قدرتهم على التكيف مع ظروف الحياة الصعبة، خصوصا وأن البيئة التي ينتمون إليها بيئة فقيرة لا تتوفر بها أبسط مقومات الحياة، وتابعت إن اصرار هذه الفئة على العمل يولد الاكتئاب وبالتالي الانتحار.
عاجل جداً
وأضافت أنها تتمنى من ربات البيوت أن يرأفوا بحال هذه العمالة، ولا يكلفوهم فوق احتمالهم مما يزيدهم هما وبالتالي تفكيرهم بالانتحار.
حلول عاجلة: من جانبها قالت (و ، ر): إن انتحار الخدم بدأ ينتشر بصورة ملفتة للنظر حتى تحول إلى ظاهرة تستدعي حلولا عاجلة، و أضافت ان على الدولة التأكد من صحة الخدم النفسية قبل أن يتم استقدامهم للبلاد كأحد الحلول المقترحة لحل هذه المشكلة، والتي باتت ملاحظة بطريقة مقززة.
الرحمة مطلوبة
ذكرت (ج ، أ ) أن معاملة بعض الأسر للخدم معاملة لا ترقى للإنسانية.
فيتعاملون معهم كمن يتعامل مع آلات، وبالتالي فإن هذا الخادم المسكين بعد أن يستنفذ كل صبره يلجأ إلى الانتحار .
وتابعت انها تقترح ان يتم عمل دراسة لمعرفة أسباب انتحار الخدم ، ومعاقبة هذه الأسر عديمة الرحمة.
توجهنا بعد ذلك لمجموعة من الخدم وسألناهم عن أهم الأسباب التي تدفعهم للانتحار وخرجنا بهذه الآراء.
تحرش جنسي
ذكرت سوجي انها تعرضت للتحرش الجنسي من قبل ابن مخدومها لأكثر من مرة حتى بدأت تظهر عليها أعراض الحمل، مما دفعها للطلب منه بان يتزوجها، الا انه لم يتصرف مادفعها الى إخبار والديه والذين بدورهما طلبوا منها حزم أمتعتها استعدادا للسفر، الى جانب ضربها ضربا مبرحا.
وتابعت انها لم تستطع النوم في تلك الليلة خصوصا وانها غير متزوجة فكيف ترجع لأهلها حاملا !، مما دفعها الى تناول مجموعة من الأقراص غير انها فوجئت بنفسها بالمستشفى وقد فقدت الجنين غير انها انقذت ليتم تسفيرها فور استعادتها لصحتها.
أشارت ميري إلى ان المعاملة القاسية التي تنالهم هي سبب من أسباب انتحار الخدم.
خصوصا و ان هذه المعاملة تشكل عبئا نفسيا عليهم الى جانب عبء الغربة والبعد عن الأهل، وتابعت أن بعض الأسر لا تعي مدى خطورة هذه المعاملة والتي قد تدفع الخدم في بعض الأحيان إلى الانتقام من مخدوميهم بشتى الوسائل الممكنة.
اما شانتي فقد ذكرت أنها اضطرت إلى الهرب من منزل مخدومها بعد أن ضاقت ذرعا بتحرشاته وتكرار محاولة اغتصابها، الأمر الذي أدى إلى تناولها مجموعة من الأقراص كمحاولة للشروع في الانتحار إلا انها أنقذت، وتابعت أنها أتت إلى هذه البلاد لإعالة أسرتها إلا أن أمرها انتهى بمحاولة انتحار لازالت تعاني من آثارها النفسية.
وفاة زوجها
بدورها قالت ديفي إنها حاولت الانتحار بعد أن تلقت رسالة من أهلها حاملة نبأ وفاة زوجها، وتابعت لم أشعر بنفسي إلا وأنا أحاول ضرب نفسي بسكين المنزل، إلا ان (معزبتها ) قامت بتهدئتها وسمحت لها بالسفر على الرغم من عدم انقضاء الفترة المحددة لها.
واضافت انها رجعت الى منزل مخدومها بعد ان هدأت نفسيتها، معللة ذلك بأن مخدومتها على قدر كبير من التقدير، خصوصا وأنها وقفت بجانبها في محنتها.
من جانبه ذكر مأمون ويعمل سائقا أن احد أصدقائه اضطر الى الانتحار بعد أن ضبطه مخدومه مع عشيقته ،مما دفعه الى إلقاء نفسه من الدور الثالث،
وتابع انه رغم ذلك لم يصب إلا بكسور، لتسجل عليه حالة شروع بالانتحار.
وأضاف انه يتمنى أن يتم مراعاة حالة العمالة الوافدة النفسية، خصوصا وانهم يشعرون بمرارة الغربة والبعد عن الأهل.
توجهنا بسؤالنا إلى مكاتب الخدم وخرجنا بهذه الآراء.
نفسيات غير سوية
أشار صاحب أحد مكاتب الخدم أن بعض مكاتب الخدم يتحمل مسؤولية اضطراب نفسية هذه العمالة، خصوصا وانهم يضربونهم بمجرد إرجاع ( المعزب ) لهم، وتابع إن خوف الخدم من العودة للمكتب والتعرض للضرب يدفعهم الى اختيار أسهل الطرق وهو الانتحار ، خصوصا وان حالتهم النفسية تكون غير سوية أصلا.
صاحب مكتب آخر من مكاتب الخدم ذكر أنه غير مسؤول عن سلوكيات الخدم فعمله يقتصر على إحضارهم والتأكد من سلامتهم جسديا فقط،
وتابع انه اذا كانت هذه الظاهرة قد انتشرت فعلا، اقترح استحداث مكاتب لدراسة نفسية الخدم بدلا من إلقاء اللوم على مكاتب الخدم.
حيلة
ذكرت إحدى الخادمات أن الأحوال الجوية السيئة في بلادها تجعلها في حالة خوف مستمر على أبنائه.
وتابعت انها سمعت بان المنطقة التي تعيش فيها قد تعرضت الى فيضان ما دفعها الى الطلب من (معزبتها) أن تسافر لتطمئن على ابنائها غير انها رفضت دون ان تعبأ بمشاعر الخوف التي انتابتني حيال ابنائي.
وأضافت إن تفكيرها قادها نحو حيلة الانتحار والتي هددت بها ربة المنزل، والتي بدورها ما إن سمعت التهديد حتى طلبت منها حزم امتعتها استعدادا للسفر ،وقالت (لازم يعني اسوي مشكل علشان سافر).
صدمة !
قال احد الخدم ان احد اصدقائه قد اقدم على الانتحار بعد ان وصلته رسالة تفيد بان جميع الأموال التي جمعها طوال فترة عمله وارسلها الى زوجته وابنائه بيد احد اصدقائه لم تصل اليهم، وانما استولى عليها ولا احد يعرف مكانه.
وتابع ان هذا الموضوع قد شكل له صدمة خصوصا انه ارسل كل ما يملك وكان يستعد للسفر بعد فترة وجيزة ،لذا فإنه حاول الانتحار لولا وجود بعض من اصدقائه معه، والذين بدورهم اخذوه للمستشفى وتم إنقاذه.
مجتمعات فقيرية
بدورها اشارت أستاذة علم النفس بجامعة الكويت أمثال الحويلة أن الدولة يحب أن تحرص على عمل اختبارات نفسية للخدم الى جانب الفحوصات الصحية، خصوصا ان هذه العماله الوافده تأتي من مجتمعات فقيره ومضطهده وتتعرض لضغوط حياة كثيره.
ينتج عنها مشاكل نفسيه متعددة تزداد خلال فترة عمله في البلاد بسبب اختلاف الثقافة والأديان وعدم تفهم المخدوم لاحتياجاتهم، أو حتى ضعف الراتب وبالتالي شعورهم بالاكتئاب والذي يعد السبب الأول للانتحار.
الغربة والفراغ
من جهته قال أستاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت عامر الصالح: إن هناك عوامل عديدة ادت الى تفشي ظاهرة انتحار الخدم في المجتمع فقد تكون عوامل اجتماعية، مثل معاناة الخدم للحرمان او حالة عدم وجود عائلته معه.
إدرك إجتماعي
وبالتالي يؤثر هذا الامر على الادراك الاجتماعي للخادم، او نتيجة ظروف نفسية كشعور الخادم بنوع من الغربة والفراغ الاجتماعي والحرمان العاطفي باعتباره بعيد عن وطنه وبالتالي شعورة بقلق نفسي يؤدي في نهاية الأمر إلى الانتحار.
وشدد الصالح على ضـرورة تشخيص الناحية النفسـية للخدم الى جانب الناحية الجسـمية نظرا لتأثير هذه النــاحية على الأســرة المتعاملة مع هذا الخادم.
Post a Comment