الدافع المادي من أسباب هجرة الكفاءات العربية
أوصى الاجتماع الثاني لوزراء الهجرة والمغتربين العرب، الذي عقد في القاهرة بالعمل على تشجيع الاستفادة من الكفاءات العربية المقيمة في الخارج عربيا، لدعم عجلة التنمية وترسيخ المركز الاقتصادي للبلدان العربية عالميا. كما أكد الاجتماع ضرورة متابعة تنفيذ ما جاء في الاعلان وبرنامج العمل الصادرين عن قمة الكويت الاقتصادية والتنموية والاجتماعية العربية والتشديد على استمرار ية التنسيق بين البلدان العربية في مجال الهجرة والجاليات العربية في الخارج وتبادل الخبرات وكذلك مناقشة المقترحات التطويرية التي من شأنها زيادة فرص الاستفادة عربيا من العقول العربية المتميزة ومنع تسربها الى الخارج.
استطلعت آراء عدد من الوافدين العرب المقيمين في الكويت عن المعوقات التي تعيق الاستفادة من الكفاءات العربية عربيا وعوامل جذب الكفاءات وتوفير بيئة خصبة تساعدهم على العمل والإبداع.
«مجتمعاتنا العربية متهمة بالتقصير في حق بعضها البعض» هكذا يصف رياض النعماني، لبناني، حال العلاقة التي تربط دولنا العربية، حيث يرى ان وحدة العروبة والدين حق يستلزم ان ينتبه إليه القادة العرب ليعملوا على توحيد جهودهم والاستفادة من طاقاتهم وامكانياتهم يطوروها ويتبادلوها فيما بينهم لتعم الفائدة على الجميع، ويقول: للأسف لا يوجد احتضان للقدرات العربية على أرض الواقع، حيث نرى اصحاب الشركات يستقدمون المدراء الأجانب ويبحثون عن الخبرات الاوروبية متجاهلين تماما الطاقات العربية التي قد تكون اكثر كفاءة وخبرة من الناحية العملية، وأوفر من الناحية المادية.
ويلفت الى أن الكفاءات المهاجرة الى الخارج غالبا لا تعود مرة أخرى الى الوطن أو أي بلد عربي آخر، وإن عادت ستصطدم باللوائح والقوانين التي تعيق آلية التطور والبحث العلمي من بيروقراطية وعراقيل إدارية تزخر بها الدول العربية وتكبل الإبداع والعمل، مما يدفع تلك الكفاءات إما الى الهجرة مرة اخرى وإما الى التوقف عن العمل والابداع.
مفاهيم مغلوطة
النظرة المحدودة للوافد تعيق فتح آفاق أكبر وأشمل للاستفادة من كفاءات المهاجرين إذ تقتصر احيانا على بعض الاعمال دون سواها وإن كان هناك من هو جدير بذلك.
يرجع هاني طلعت، مهندس- مصري، قلة التوجه الى الاستفادة من الكفاءات العربية داخل مجتمعاتنا الى وجود مفاهيم مغلوطة تتعلق بالعمالة الوافدة من بلد عربي الى آخر حيث تقتصر النظرة الى الوافد العربي لتصنّفه في خانة «العمال أو الفنيين» ويتم استقدام العرب للوظائف والمهن المتوسطة، على عكس الاجانب، الذين يتم استقدامهم لمراكز وبمرتبات مرتفعة جدا وامتيازات. لافتا الى وجود قصور واضح في اتفاقيات التبادل العلمي وتبادل الخبرات والكفاءات في جميع المجالات بين الدول العربية.
ويرى اهمية وجود هيئات تتبنى إعداد اجيال من العقول العربية الفذة في مجالات الطب والعلوم والصيدلة والفنون والآداب في كل بلد عربي على حدة، لتقوم بالتبادل فيما بين الدول العربية من خلال إعارات ثنائية وان يكون هناك مجلس عربي أعلى يشرف على تلك الهيئات ويتم من خلاله تمويل تلك الاعارات للعلماء والكفاءات العربية وتوفير عائد مادي مناسب لهم، لافتا الى ان يكون هذا التبادل الزاميا على الدول العربية وباتفاقيات دولية للتسلح بالعلم ولاسيما في ظل التحديات والاخطار الخارجية التي تواجه دولنا وضرورة التصدي لها.
تقدير مادي وأدبي
حول أهم الاسباب التي تدعو الكفاءات والعقول العربية الى الهجرة الى الخارج يبين هيثم عبد الصادق، صيدلي، مصري، أن قلة الامكانيات وعدم توافر مناخ الابداع العلمي وانعدام التقدير المادي والادبي من اهم الأسباب، حيث تهيئة افضل الاجواء للابداع، كما ان بعض دول أوروبا تمنح الجنسية ما يعني الانتماء لبلد الاقامة اضافة الى وفرة الامكانيات المادية، وخاصة تلك التي تخصص للبحث العلمي، والتي تقدر بآلاف الدولارات لتطوير البحوث واعداد جيل من العلماء.
ومن جانبها، ترى تسنيم بدار،فلسطينية، ان المشكلة الرئيسية التي تعيق الاستفادة من الخبرات العربية عربيا هي الصورة السلبية التي تتكون تجاه الوافد العربي من جانب مواطن الدولة العربية الاخرى التي يفد اليها، موضحة انه دائما ما ينظر له نظرة «دونية» وانه جاء من اجل العمل وجمع المال وان كان يعمل في وظيفة مرموقة.
وأرجعت بدار السبب الى القوانين المكبلة للحريات التي تضعها الدول العربية تجاه بعضها البعض، في حين انها تتساهل كثيرا في تطبيق تلك القوانين على الوافدين من الجنسيات الاوروبية.
الفقر والبطالة
الظروف الاقتصادية التي تعيشها بعض الدول العربية تدفع الشباب لهجرة البلد الأم بحثا عن فرص العمل وتأسيس رأسمال، ما يعني أن هناك طموحات ورؤى تحتاج الى الدعم، ومع ارتفاع معدلات البطالة في عدد من الدول العربية يزداد اعداد هجرة العقول ما يؤكد اهمية ايجاد الفرص لهم وتأمين افضل ظروف العيش للاستفادة من خبراتهم.
تقول عبير مجدي، من مصر، إن الظروف الاقتصادية المتدنية التي يعاني منها عدد من البلدان العربية تدفع الكفاءات الشابة فيها من اصحاب الشهادات الجامعية العليا الى القبول بوظائف لا تتناسب نهائيا مع مؤهلاتهم العلمية هربا من البطالة في بلدانهم، لافتة الى ان بعض عمال المطاعم وتوصيل الطلبات يحملون شهادات علمية جامعية عليا، ويعملون في غير اختصاصاتهم. وترى وجوب سن قوانين تمنع استقدام وافدين عرب للعمل في مهن لا تتوافق مع مؤهلاتهم العلمية للحفاظ على المستوى العلمي والخبرات.